وقد ورد في الحديث: «أوحى الله إلى بعض الصدِّيقين: أنَّ لي عباداً من عبيدي يحبُّوني وأُحبُّهم، ويشتاقون إليَّ وأشتاق إليهم، ويذكروني وأذكرهم، فإن أخذتَ طريقهم أحببتك، وإن عدلت عنهم مقتُّك، قال: يا ربِّ، وما علامتهم ؟ قال: يراعون الظلال بالنهار(2) كما يراعي الشفيق غنمه، ويحنُّون إلى غروب الشمس كما تحنُّ الطير إلى أوكارها عند الغروب، فإذا جنَّهم الليل، واختلط الظلام، وفرشت الفرش، ونصبت الأسرَّة، وخلا كلُّ حبيب بحبيبه، نصبوا إليَّ أقدامهم،وافترشوا إليَّ وجوههم، وناجوني بكلامي، وتملَّقوني بأنعامي ما بين صارخ وباك، وبين متأوِّه وشاك، وبين قائم وقاعد، وبين راكع وساجد، بعيني ما يتحمَّلون من أجلي، وبسمعي ما يشكون من حبِّي. أوَّل ما أعطيهم ثلاثاً: الأوَّل أقذف من نوري في قلوبهم، فيخبرون عنِّي كما أُخبر عنهم. والثاني لو كانت السماوات والأرضون وما فيهما من مواريثهم لاستقللتها لهم. والثالث أُقبل بوجهي عليهم، أفترى من أقبلت عليه بوجهي يعلم أحد ما أُريد أن أُعطيه ؟ !»(3).
والآية التي بدأنا بها الحديث وهي قوله تعالى.: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ
(1) الإحياء 4 / 313، رواها الغزالي عن يحيى بن معاذ، وقد حذفتُ منه بيتاً رأيته غير موافق لمذهب الحقِّ. وفي خزينة الجواهر نسب بعض أبيات هذين المقطعين إلى أميرالمؤمنين(عليه السلام). راجع خزينة الجواهر: 131 ـ 138.
(2) لعلَّ المقصود: مراعاة الظلِّ وانتظار وصوله إلى النهاية، فهو عبارة أُخرى عن قوله: ويحنُّون إلى غروب الشمس، ولعلَّ المقصود: مراعاة أوقات الصلوات بمراقبة الظلال.
(3) البحار 70 / 26.