وهذا القسم من الحبِّ لله لا يوجد في مراتب عالية إلاّ لدى العرفاء الكمّل.
القسم الخامس: للحبِّ هو: الحبُّ الناشئ من القرب في سلسلة الوجود، كحبِّك لأولادك، أو لأبويك، أو لعشيرتك، ولا أقرب إليك في سلسلة الوجود من الله سبحانه وتعالى الذي هو الخالق، وهو الواهب للحياة ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلاَلَة مِّن طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾(1).
إلاّ أنَّ الإحساس بذلك ووجدانه ـ أيضاً ـ خاصٌّ بالعرفاء بالله.
القسم السادس: للحبِّ هو: الحبُّ الناشئ من الأُنس، فإذا أنست بجارك، أو بصاحب لك، أو بشريك لك في السفر، أو في التجارة، أو بصديق لك في مجلس، أو بزوجك في الحياة الزوجيَّة، أو ما إلى ذلك، أحببته.
والأُنس بالله هو الذي يقوِّي لذَّة مناجاته، وهو خاصٌّ ـ أيضاً ـ بأولياء الله وأصفيائه.
والآن أودُّ أن أتحدّث بحديث مختصر عن علائم حبِّ الله.
قال الله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾(3).
(1) السورة 23، المؤمنون، الآيات: 12 ـ 14.
(2) الإحياء للغزالي 4 / 314.
(3) السورة 62، الجمعة، الآيتان: 6 ـ 7.