2 ـ رُوِيَ عن بعض العارفين(1) أنّه قال: «إنّ لله ـ تعالى ـ إلى عبده سرّين يسرّهما إليه على سبيل الإلهام: أحدهما إذاخرج من بطن أُمّه يقول له: عبدي قد أخرجتك إلى الدنيا طاهراً نظيفاً، واستودعتك عمرك، وائتمنتك عليه، فانظر كيف تحفظ الأمانة، وانظر كيف تلقاني. والثاني عند خروج روحه يقول: عبدي ماذا صنعت في أمانتي عندك، هل حفظتها حتّى تلقاني على العهد فألقاك على الوفاء، أو أضعتها فألقاك بالمطالبة والعقاب؟ وإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿... أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ...﴾(2) وبقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لاَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾(3) ».
3 ـ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله): «ما من يوم طلع فجره ولا ليلة غاب شفقها إلاّ وملكان يتجاوبان بأربعة أصوات:
يقول أحدهما: يا ليت هذا الخلق لم يُخلَقوا.
ويقول الآخر: يا ليتهم إذ خُلقوا علموا لماذا خُلقوا.
فيقول الآخر: ويا ليتهم إذ لم يعلموا لماذا خلقوا عملوا بما علموا.
وفي بعض الروايات: (ويا ليتهم إذ لم يعلموا لماذا خلقوا تجالسوا فتذاكروا ما علموا).
فيقول الآخر: ويا ليتهم إذ لم يعملوا بما علموا تابوا ممّا عملوا»(4).
الأمر الثاني ـ مقدّمة التوبة:
قد يقال: إنّ مقدّمة التوبة هي اليقظة؛ وذلك أنّ الإنسان بفطرته السليمة مجبول
(1) نقله في المحجة 7/22 عن الإحياء للغزالي.
(2) السورة 2، البقرة، الآية: 40.
(3) السورة 23، المؤمنون، الآية: 8 .
(4) المحجة البيضاء 7/93 ـ94 نقلاً عن الإحياء للغزالي.