المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

94

إلاّ أنّ هذا التوسيع في غير محلّه؛ لأنّ المقصود باختصاص الأمر بالحصّة الاختياريّة هو: اختصاصه بالحصّة المقدورة لا الحصّة المرادة، وإن كان صدور الفعل عن قدرة ملازماً للإرادة، فالإرادة ليست دخيلة في العمل المطلوب حتّى يكون الأمر مقتضياً لها بالذات.

الثالث: أنّ نكتة إمكان الترتّب التي هي في نظر المحقّق النائينيّ(رحمه الله): عدم لزوم طلب الجمع؛ لأنّ الأمر بالأهمّ يقتضي هدم عصيانه الذي هو موضوعٌ للمهمّ، فلا يوجد طلب الجمع؛ فإنّه لو أتى ـ محالا ـ بكلا الفعلين لم يقعا معاً بصفة المطلوبيّة، هذه النكتة لا يشترط فيها كون الأمر بالأهمّ مقتضياً لهدم موضوع الأمر بالمهمّ بذاته، بل يكفي فيها كونه مقتضياً لما يساوق هدم موضوع الأمر بالمهمّ، سواءً كان بالعينيّة أو بالملازمة؛ فإنّه على أيّ حال لو أتى محالا بكلا الفعلين لم يقعا على صفة المطلوبيّة، والعزم على العصيان أو عدم العزم على الفعل يستلزم العصيان لا محالة، فهدم العصيان مساوقٌ لهدمه: أمّا في الفعل المتقوّم بالإرادة ـ كالتحيّة ـ فواضح. وأمّا في غيره فقد يقال: إنّ تقييد الأمر بالمهمّ بالعزم على العصيان لا يكفي لرفع الغائلة؛ إذ قد يعزم على العصيان لكنّه يصدر منه الأهمّ بلا اختيار، وفي مثله لا يعقل توجيه الأمر بالمهمّ إليه؛ لأنّه يلزم من ذلك طلب غير المقدور.

والجواب: إنّنا نقيّد العزم على العصيان عندئذ بصورة القدرة على الفعل والترك ونقول: إنّ الأمر بالمهمّ مشروط بالعزم على العصيان، مع القدرة على العصيان والامتثال، وهذا يستلزم العصيان لا محالة، فهدم العصيان يساوق هدمه.

نعم، لو جُعلت نكتة إمكان الترتّب كون الأمر بالمهمّ في طول الأمر بالأهمّ، أمكن الفرق بين تقييد الأمر بالمهمّ بعصيان الأهمّ، وتقييده بالعزم على العصيان، فيقال: إنّ الأوّل يرفع المحذور؛ لأنّ الأمر بالمهمّ في طول العصيان الذي هو في طول الأمر بالأهمّ، فالأمران طوليّان، فلا منافاة بينهما.