المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

93

موضوع الأمر بالمهمّ، وهو عصيان الأهمّ فبذلك يرتفع التنافي. أمّا إذا فُرض الأمر بالمهمّ مشروطاً بالعزم على العصيان، فالأمر بالأهمّ لا يقتضي بذاته هدم موضوع الأمر بالمهمّ؛ لأنّ كلّ أمر يقتضي بذاته هدم نقيض متعلّقه، وذلك باقتضائه لفعل متعلّقه، فهو إنّما يقتضي هدم عصيانه، لا هدم العزم على العصيان.

ويرد على ذلك اُمور:

الأوّل: أنّ الأمر بفعل لا يقتضي بذاته تحقّق المتعلّق أو هدم نقيضه؛ فإنّ هذا إنّما يصحّ في المقتضيات التكوينيّة، فلو جُرّ زيد واُدخِل قهراً في المسجد ـ مثلا ـ فهذا مقتض تكوينيّ لدخول زيد في المسجد، يقتضي تحقّق هذا الفعل ويهدم تركه، وأمّا المقتضي التشريعيّ ـ وهو الأمر ـ فالذي يقتضيه أوّلاً وبالذات هو انقداح الداعي إلى الفعل في نفس المكلّف، أي: عزمه عليه لا نفس الفعل، فبهذا يقتضي هدم عدم العزم على الفعل أو العزم على الترك، فليكن الأمر بالمهمّ مشروطاً بعدم العزم على الفعل، أو العزم على العصيان.

فالقول بأنّ الأمر بشيء يقتضي هدم نقيض متعلّقه، خلطٌ بين المقتضيات التشريعيّة والمقتضيات التكوينيّة.

الثاني:أنّه لو غُضّ النظر عن الوجه الأوّل، ففي خصوص العبادات لا إشكال في أنّ الأمر بالشيء يقتضي بالذات العزم على الشيء؛ لأنّ العبادة لابدّ فيها من إرادة واختيار، فإذا كان الأهمّ عباديّاً فالأمر به يقتضي بالذات هدم عدم إرادة الفعل، فليكن الأمر بالمهمّ ـ فيما إذا كان الأهمّ عباديّاً ـ مشروطاً بعدم العزم على فعل الأهمّ.

بل قد يوسّع من دائرة هذا الإشكال فيورد في التوصّليّات أيضاً، بناء على مذهب المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ الأمر إنّما يتعلّق بالحصّة الاختياريّة، بأن يقال: إنّه بناءً على هذا يكون الأمر مقتضياً بالذات للعزم على الفعل حتّى في التوصّليّات.