المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

87

الأمر بالأهمّ. إذن، فالأمر بالمهمّ مترتّب على الأمر بالأهمّ، وما يكون مترتّباً على شيء وفي طوله يستحيل أن يكون رافعاً له؛ فإنّه متى يرفعه؟ هل حين عدمه أو حين وجوده؟ أمّا حين عدمه، فلا يعقل تأثيره في الرفع. وأمّا حين وجوده فقد فُرض وجود الآخر في مرتبة سابقة عليه، فكيف يعقل رفعه؟

وبكلمة اُخرى: إنّ رفع الشيء لما يترتّب عليه يساوق رفعه لنفسه، وهو مستحيل. فإذا ثبت أنّ الأمر بالمهمّ لا يقتضي رفع الأمر بالأهمّ ولا يطرده ثبت عدم التضادّ بينهما؛ إذ مع التضادّ يثبت التنافي والمطاردة من الطرفين، فإذا ثبت عدم التضادّ لم يبق مبرّر لافتراض أنّ الأمر بالأهمّ يطرد الأمر بالمهمّ.

فإن قلت: كما يقال: إنّ الشيء لا يمكن أن يرفع ما يترتّب عليه، فالأمر بالمهمّ المترتّب على الأمر بالأهمّ لا يرفع الأمر بالأهّم. كذلك يمكن أن يقال: إنّ ما يرفع شيئاً لا يمكن أن يترتّب عليه، والأمر بالمهمّ رافع للأمر بالأهمّ، فلا يمكن أن يترتّب عليه.

قلت: واقع المطلب أنّ الشيء يضيق عن أن يكون رافعاً لسببه وما هو مترتّب عليه، فالترتّب رافع لموضوع رافعيّة الشيء، فيستحيل أن تكون رافعيّة الشيء مانعة عن الترتّب.

ويرد عليه: أنّ هذا مبنيّ على القول بمانعيّة كلّ من الضدّين عن وجود الضدّ الآخر، وقد وضّحنا فيما سبق عدم مانعيّة أحد الضدّين عن الضدّ الآخر، وأنّ استحالة اجتماعهما ذاتيّة، فالتنافي المفترض بين الأمر بالمهمّ والأمر بالأهمّ ليس على أساس أنّ أحدهما رافع للآخر ومانع عنه، حتّى يجاب بأنّ الأمر بالمهمّ حيث إنّه مترتّب على الأمر بالأهمّ لا يعقل أن يكون رافعاً له.

وقد تحصّل بكلّ ما ذكرناه: أنّ تصحيح الترتّب بالطوليّة بين الأمرين غير صحيح بجميع التقريبات.