المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

85

أحد النقيضين غير متأخّر عن النقيض الآخر؛ إذ في هذا الوجه لا ننطلق من نقطة أنّ المتأخّر عن المتأخّر متأخّر، وإنّما ننطلق من نقطة أنّ مرتبة الأمر بالمهمّ هي مرتبة سقوط الأهمّ؛ لكونهما معلولين لشيء واحد، فلا أمر بالأهمّ في مرتبة الأمر بالمهمّ.

وأيضاً لا يرد على هذا الوجه ما قد يورد على الوجه الأوّل: من أنّ الأمر بالمهمّ وإن لم يكن يصعد إلى مرتبة الأمر بالأهمّ، ولكنّ الأمر بالأهمّ ينزل إلى مرتبة الأمر بالمهمّ؛ فإنّ العلّة وإن كانت أقدم من المعلول رتبةً، لكن معنى تقدّم المتقدّم رتبة إنّما هو أنّه غير متقيّد بالرتبة المتأخّرة ـ كما هو الحال في المتأخّر رتبة ـ لا أنّه متقيّد بالرتبة المتقدّمة، بل هو مطلقٌ يمتدّ إلى المراتب المتأخّرة، فالمعلول لا يصعد إلى مرتبة علّته، ولكنّ العلّة موجودة في مرتبة المعلول أيضاً(1).

فهذا الإيراد لو تمّ على الوجه الأوّل لا مجال له على هذا الوجه؛ إذ هذا الوجه قد أثبت أنّ سقوط الأمر بالأهمّ ثابت في مرتبة الأمر بالمهمّ؛ لكونهما معلولين لشيء واحد، فلا يعقل أن يكون ثبوته متحقّقاً في تلك المرتبة.


(1) هذا محتمل كلام صاحب الكفاية ـ ج 1، ص 213 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات المشكينيّ ـ حيث قال: «فإنّه وإن لم يكن في مرتبة طلب الأهمّ اجتماع طلبهما، إلاّ أنّه كان في مرتبة الأمر بغيره اجتماعهما؛ بداهة فعليّة الأمر بالأهمّ في هذه المرتبة، وعدم سقوطه بعدُ بمجرّد المعصية فيما بعد ما لم يعص أو العزم عليها...»، وعلى أيّ حال فقد أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّ هذا الكلام في نفسه غير معقول؛ فإنّه لو كانت الرُتَب اُموراً ثابتة بغضّ النظر عن انتزاع التقدّم للمتقدّم والتأخّر للمتأخّر لأمكن أن يقال: إنّ المتقدّم موجود في كلّ هذه الظروف، والمتأخّر غير موجود إلاّ في الظرف الأخير مثلا، ولكن الرُتب ليست ظروفاً ثابتة بغضّ النظر عن تقدّم المتقدّم وتأخّر المتأخّر، بل هي عبارة اُخرى عن ذاك التقدّم وهذا التأخّر، فهذا الكلام خلف وغير متصوّر.