المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

84

الأمرين؛ فإنّه حتّى لو كانا طوليّين فهما أمران بضدّين. والمكلّف عاجز عن الإتيان بضدّين، فالمهمّ رفع التضادّ بين المتعلّقين ببيان الطوليّة بينهما، حتّى يرتفع التضادّ العرَضيّ بين الأمرين.

ولا يمكن رفع التضادّ العرَضيّ بينهما ابتداءً بتعديد الرتبة، بدون علاج التضادّ الذاتيّ بين المتعلّقين الذي هو المنشأ لذاك التضادّ العرَضيّ، وعليه فإن قبلنا كون ما في طول أحد النقيضين في طول النقيض الآخر أمكن أن يقال: إنّ فعل المهمّ ـ الحاصل بتحريك الأمر به ـ معلولٌ لفعليّة الأمر بالمهمّ الذي هو في طول ترك الأهمّ، وبالتالي في طول نقيضه وهو فعل الأهمّ، فأصبح فعل المهمّ الناشئ بتحريك الأمر بالمهمّ في طول فعل الأهمّ، وهذا معناه الطوليّة بين المتعلّقين.

أمّا إذا لم نقبل ذلك فمجرّد تبديل قيد الترك بقيد العصيان لا ينفع شيئاً؛ فإنّه وإن كان يثبت بذلك أنّ الأمر بالمهمّ في طول الأمر بالأهمّ، لكنّه لا يثبت بذلك الطوليّة بين المتعلّقين؛ فإنّ فعل المهمّ وإن كان في طول الأمر بالمهمّ، الذي هو في طول عصيان الأمر بالأهمّ، الذي هو في طول الأمر بالأهمّ، لكنّه لا يثبت بذلك كون فعل المهمّ في طول فعل الأهمّ، ومجرّد الطوليّة بين الأمرين لا يفيد شيئاً.

الوجه الثاني: أنّ الأمر بالمهمّ معلولٌ لعصيان الأهمّ، وسقوط الأهمّ أيضاً معلولٌ لعصيان الأهمّ؛ لأنّ العصيان ـ كالامتثال ـ سبب للسقوط، إذن فالأمر بالمهمّ مع سقوط الأهمّ في رتبة واحدة؛ لأنّهما معلولان لشيء واحد، إذن ففي رتبة الأمر بالمهمّ لا أمر بالأهمّ؛ لأنّ في هذه الرتبة يكون الأمر بالأهمّ منعدماً وساقطاً بحسب الفرض، إذن فلا يتنافى أحدهما مع الآخر.

وهذا الوجه له بعض الامتيازات على الوجه الأوّل، فمثلا هنا لا نحتاج إلى إثبات كون ما هو المتقدّم على الأمر بالمهمّ متأخّراً عن الأمر بالأهمّ، حتّى يقال بناءً على كون موضوع الأمر بالمهمّ واقع العصيان وهو الترك: إنّ ما هو متأخّر عن