المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

79

فلو افترضنا أنّ هذا هو الترتّب المستحيل عند القائل بامتناع الترتّب، وأنّ الضرورة الفقهيّة دلّت على تلك النتيجة، كان بإمكان القائل بامتناع الترتّب أن يخرّج هذه الفروع بتخريج آخر، فيقول ـ مثلا ـ في صلاة التمام: إنّه مأمور بأمرين: أحدهما الأمر بالسفر، والثاني الأمر بالجامع بين السفر وصلاة التمام في الحضر(1). وكذلك في الصوم يقول: إنّه مأمور بالسفر، وبالجامع بين السفر والصوم في الحضر. وكذلك في القصر يقول: إنّه مأمور بالإقامة وبالجامع بين الإقامة والقصر(2) على تقدير عدم الإقامة.

وبإمكانه أن يخرّج هذه الفروع بتخريج آخر أيضاً، وهو أن يبدّل ما ذكرناه من الأمر بالجامع، بالنهي عن الجمع بين تركي كلا الفردين لذاك الجامع.

نعم، هذان التخريجان خلاف ظاهر الأدلّة؛ فإنّ ظاهرها أنّ الواجب هو الصلاة أو الصوم، لا ذاك الجامع، أو عدم الجمع بين تركي الفردين. إلاّ أنّ الكلام ليس في البحث الإثباتيّ، وإنّما الكلام في التكليف المعقول والممكن لشيء ثابت بحسب مقام الإثبات.

الكلمة الثالثة: تختصّ بالفرعين الأوّلين، وهي: أنّ جعلهما كنقض على القول باستحالة الترتّب موقوف على افتراض أنّ هناك حكمين على موضوعين مختلفين: أحدهما الحكم بالتمام على الحاضر، والآخر الحكم بالقصر على المسافر، بينما هذا المطلب غير ثابت فقهيّاً؛ إذ من المحتمل أن يكون هناك حكمٌ واحدٌ على الحاضر والمسافر معاً، بالجامع بين التمام الحضريّ والقصر السفريّ، بأن يكون السفر والحضر قيداً في الواجب.


(1) (2) أمراً ضمنيّاً ضمن الأمر بالصلاة.