المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

74

الخاصّ، فمع فرض تقيّد أحدهما بعدم تنجّز الآخر لا معنى للتعارض بينهما، فإذا كان وجوب الصلاة مقيّداً بعدم تنجّز وجوب الإزالة لم يبق أيّ تعارض بينهما؛ إذ ما هي النقطة التي يتمركز فيها التعارض؟ هل هي عبارة عن مبادئ الحكم، أو عبارة عن نفس الحكم، أي: ما هو مدلول الخطاب، أو عبارة عمّا لكلّ واحد منهما من استحقاق الامتثال؟

أمّا النقطة الاُولى ـ وهي مبادئ الحكم ـ: فمن الواضح عدم أيّ تعارض بينهما بلحاظ المبادئ؛ لتباين متعلّقهما، فأحدهما تعلّق بالصلاة، والآخر تعلّق بالإزالة، وليس أحد الأمرين متعلّقاً بنقيض ما تعلّق به الأمر الآخر، وأيّ منافاة بين افتراض كون الشخص الواحد محبّاً بالفعل لعمل حبّاً شديداً جدّاً، ومحبّاً لما يضادّه أيضاً بنفس الدرجة؟! غاية الأمر أنّه عاجز عن تحصيلهما معاً لما بينهما من التضادّ.

وأمّا النقطة الثالثة ـ وهي اقتضاء كلّ منهما للامتثال لو فُرض أنّ تزاحمهما في ذلك يوجب التعارض بينهما ـ: فمن الواضح أنّه لا تعارض بينهما بلحاظها أيضاً؛ إذ لو تنجّز وجوب الإزالة لم تجب الصلاة بحسب الفرض، ولو لم يتنجّز وجوب الإزالة لم يكن وجوب الإزالة مستحقّاً للامتثال حتّى يقع التعارض بينهما بلحاظ استحقاق الامتثال.

وأمّا النقطة الثانية ـ وهي نفس الحكم ومفاد الخطاب ـ: فإن قلنا: إنّ مفاد الخطاب ليس إلاّ مجرّد الاعتبار والخيال، فمن الواضح عدم التعارض بين مجرّد خيال وخيال، أو اعتبار واعتبار.

وإن قلنا: إنّ الخطاب يدلّ بدلالة سياقيّة على كونه بداعي الجدّ، أي: يكشف عن داعي البعث والتحريك، وعلى أساسه يتطلّب الخطاب اشتراط القدرة، فكشف الخطاب ـ بدلالة سياقيّة ـ عن داعي البعث والتحريك يتصوّر بأحد أنحاء عديدة لابدّ من تمحيصها:

الأوّل: أن يُفرض أنّ الخطاب يكشف عن ثبوت داعي التحريك الفعليّ على الإطلاق.