المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

68

الملاك حتّى مع عدم الأمر، وصحّحنا العمل بذلك، فالثمرة بالنحو الذي ذكره السيّد الاُستاذ لا تظهر؛ لأنّه يصحّ العمل على كلّ حال. ولكنّ الثمرة بالنحو الذي ذكرناه تظهر؛ إذ نتكلّم في أنّ دليل الأمرين هل يتعارضان وتطبّق عليهما قوانين باب التعارض، أو يتزاحمان وتطبّق عليهما قوانين باب التزاحم؟

ثُمّ إنّ قيد كون الواجب عباديّاً ـ الذي جاء على لسان السيّد الاُستاذ ـ في غير محلّه؛ فإنّه لو كان المفروض إمكان إحراز الملاك ـ بمعنى المصلحة ـ مع فرض سقوط الأمر، أمكن تخصيص الثمرة بالواجب العباديّ؛ لأنّ الملاك ـ بمعنى المصلحة ـ لا يصحّح العبادة؛ لعدم إمكان التقرّب بالمصلحة بغضّ النظر عن المحبوبيّة، ولكنّه يصحّح الواجب التوصّليّ، لكنّه قد فرغنا وفرغ ـ دامت بركاته ـ عن عدم إمكان إحراز الملاك، لولا الأمر، ومعه فالواجب التوصّليّ أيضاً يبطل باقتضاء الأمر للنهي عن ضدّه؛ إذ لم يثبت أمرٌ به ولا ملاك فيه.

2 ـ إنّ السيّد الاُستاذ ـ الذي قد صرّح بأنّ القدرة ليست شرطاً في التكليف، وإنّما هي شرط في التنجيز؛ لأنّ التكليف ليس إلاّ مجرّد اعتبار وفرض، وفرض المحال ليس بمحال ـ لم يكن من حقّه أن يفترض كون صحّة العمل من آثار الترتّب؛ فإنّه لا حاجة إلى الترتّب، بل يثبت كلّ من الأمرين عرضاً؛ فإنّه إذا أمكن تعلّق أمر واحد ابتداءً بما هو محال، فكذلك يمكن تعلّق أمرين بشيئين يكون الجمع بينهما محالا.

ومن هنا كان اشتراط القدرة في التكليف من المبادئ التصديقيّة للترتّب. وقد عرفت أنّ القدرة شرط في التكليف حتّى ولو فرضنا أنّ التكليف والأمر مجرّد اعتبار؛ فإنّه على أيّ حال يدلّ بدلالة سياقيّة على أنّ المولى بصدد البعث والتحريك، لا بصدد مجرّد الفرض والخيال حتّى يقال: إنّ فرض المحال ليس بمحال، ولا يعقل البعث عند عدم القدرة وعدم إمكانيّة الانبعاث.