المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

65

 

الترتّب

أمّا الكلام في الترتّب، فيقع في جهات:

 

ثمرة الترتّب:

الجهة الاُولى: في ثمرة بحث الترتّب. وهي: أنّ الترتّب إن كان صحيحاً أصبح باب التزاحم باباً مستقلاًّ برأسه في مقابل باب التعارض، ويعالَج التزاحم بقوانينه الخاصّة التي سوف تأتي إن شاء الله، لا بقوانين باب التعارض. وإن لم يكن صحيحاً دخل التزاحم في باب التعارض، ويعالَج بقوانين باب التعارض.

ونوضّح ذلك الآن ببيان بدائيّ سوف يتعمّق خلال البحث إن شاء الله فنقول:

إنّه إذا تزاحم واجبان مضيّقان، ولنفرضهما الصلاة والإزالة مثلا، فبناءً على صحّة الترتّب لا تعارض بين دليل الأمر بالصلاة ودليل الأمر بالإزالة؛ لأنّ كلاًّ منهما مخصوص بحال القدرة، ولا تكاذب بين وجوب الصلاة عند القدرة، ووجوب الإزالة عند القدرة، فإن ترك الإزالة أصبح قادراً على الصلاة ووجبت عليه الصلاة، وإن ترك الصلاة أصبح قادراً على الإزالة ووجبت عليه الإزالة.

نعم، يقع الضيق في عالم القدرة، فالمكلّف إمّا أن يُعمل قدرته في هذا الجانب ويخرج عن موضوع ذاك الدليل، أو يُعمل قدرته في ذاك الجانب ويخرج عن موضوع هذا الدليل؛ لأنّه لا يملك إلاّ قدرة واحدة.

أمّا لماذا يكون كلّ من الحكمين مخصوصاً بحال القدرة؟ فلأنّ التكليف والأمر حتّى لو فُرض وضعه لمجرّد اعتبار الفعل في الذمّة، يدلّ ـ بدلالة سياقيّة يفهمها كلّ إنسان عرفيّ ـ على أنّ المولى في مقام الجدّ، لا في مقام الهزل، أي: إنّه في مقام