المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

531

النهي إذا كان متعلّقاً بأثر المعاملة:

بقي الكلام فيما إذا كان النهي متعلّقاً بالأثر كالنهي عن أكل ثمن العذرة مثلا، فدلالته على الفساد إنّما تكون بأحد وجوه ثلاثة:

الأوّل: أن يكون النهي عنه عرفاً مستلزماً لفساد المعاملة، ولا يبعد ذلك في مثل فرض تعلّق النهي بأكل الثمن الذي هو عمدة أفراد الأثر.

الثاني: أن يكون النهي عنه مستلزماً لفساد المعاملة عقلا، وذلك بأحد وجهين:

الأوّل: أن يكون النهي متعلّقاً بتمام الأثر فيلغو عندئذ إمضاء أصل المعاملة، أو يكون متعلّقاً بجُلّ الآثار بحيث فُرض أنّ الباقي غير مقتض لجعل اعتبار المعاملة.

الثاني: أن يبنى على أنّ الأحكام الوضعيّة منتزعة عن الأحكام التكليفيّة كما ذهب إليه الشيخ الأعظم(رحمه الله)؛ فإنّه من الواضح على هذا المبنى أنّه لا يعقل تصحيح المعاملة مع تحريم الآثار.

الثالث: أن يبنى على أنّه مهما دار الأمر بين التخصيص والتخصّص كما لو قال المولى: (أكرم العلماء)، وقال: (لا تكرم زيداً)، ولم نعلم أنّه عالم أو لا؟ يقدّم التخصّص على التخصيص فيحكم بعدم كونه عالماً. وعليه فبما أنّه لو قيل بصحّة المعاملة مع حرمة الأثر كان ذلك تخصيصاً لما دلّ على أنّه مهما صحّت تلك المعاملة حلّ أثرها، ولو قيل ببطلانها كانت حرمة ذلك الأثر من باب التخصّص لا التخصيص، فلأجل تقدّم التخصّص على التخصيص يحكم بفساد هذه المعاملة.

هذا إذا لم يكن هنا عموم أو إطلاق دالّ على صحّتها، وإلاّ وقع التعارض بين ذاك العموم أو الإطلاق وبين العموم أو الإطلاق لدليل كون صحّة المعاملة محلّلة للآثار، فإن تقدّم أحدهما بالأقوائيّة ـ مثلا ـ كانت النتيجة وفق ما تقدّم، وإن تعارضا وتساقطا رجعنا إلى أصالة الفساد.