المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

529

هل النهي عن المعاملة مولويّ أو إرشاديّ؟

وأمّا المقام الثاني: فنقول: إذا تعلّق النهي بالسبب أو المسبّب بعنوانه المعامليّ لا بعنوان عامّ منطبق عليه لا يبعد إجماله ـ على الأقلّ ـ وعدم ظهوره في الحرمة المولويّة، من ناحية أنّ المتعارف في القوانين العقلائيّة والمترقّب من الشارع هو أن يكون النهي في المعاملة من باب الإرشاد إلى الفساد لا نهياً تحريميّاً مولويّاً.

وعلى أيّ حال فمهما كان النهي ظاهراً في الحرمة المولويّة رجعنا في استلزامها للفساد وعدمه إلى ما مضى في بحث المقام الأوّل، فإن قلنا باستلزامها له فلا إشكال في الفساد. وإن لم نقل باستلزامها له: فإن كان دليل صحّة تلك المعاملة عبارة عن عموم أو إطلاق التزمنا بالصحّة بذلك الدليل وبالحرمة بدليل النهي.

وإن كان دليلها عبارة عن السيرة فإن لم نحتمل كون حرمته شائعة في زمان الأئمّة فلا بأس بإثبات الصحّة بالتمسّك بالسيرة ولا تنافيها الحرمة على الفرض؛ وإلاّ لم يصحّ إثبات الصحّة بذلك؛ لأنّ السيرة العقلائيّة إنّما تتّبع لو كانت شائعة في زمان النبيّ(صلى الله عليه وآله) أو الإمام(عليه السلام) عند التابعين له بمرأى منه ومسمع، بحيث كان ذلك على فرض بطلان المعاملة موجباً للردع الشديد الشائع الذي لو كان لكان يصل إلينا ولو بخبر ضعيف، وفي ذلك العصر لم يكن تبقى سيرتهم مع فرض تحريم من هذا القبيل، وإذن فالمرجع أصالة الفساد سواءً علمنا بشيوع الحرمة في ذلك الزمان أو شككنا في ذلك واحتملناه.

نعم، لو صحّ جريان الاستصحاب في احتمال النسخ جرى استصحاب الحكم الممضى في أوّل الشريعة.

هذا كلّه لو كان النهي ظاهراً في الحرمة المولويّة.

ومهما كان ظاهراً في الإرشاد إلى الفساد فلا إشكال في الفساد.