المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

519

والإخفات ـ يكون النهي عنه مساوقاً للنهي عن نفس العبادة فتبطل، وما لا يكون ملازماً فليس النهي عنه مساوقاً للنهي عن العبادة إلاّ إذا اتّحد معها وجوداً، فيدخل في كبرى امتناع اجتماع الأمر والنهي(1).

أقول: لم يُعلم وجه فنّيّ للفرق بين الوصف الملازم وغيره، فإنّ عين ما ذكره في غير الملازم يتأتّى في الملازم فنقول: إذا اتّحد الوصف والموصوف وجوداً دخل في كبرى امتناع اجتماع الأمر والنهي، فإن قلنا بتقدّم النهي كان داخلا تحت قاعدة اقتضاء النهي للفساد في العبادة، وأمّا إذا لم يتّحدا كانت العبادة مأموراً بها وصحيحة، فإنّه ليس النهي عن الملازم مستلزماً للنهي عمّا يستلزمه.

نعم، إذا فُرضت الملازمة من كلا الطرفين أو من جانب الأمر، أعني: إنّه كان الوصف ممّا لا ينفكّ عنه العبادة، فلا يجتمع النهي عنه مع الأمر بالعبادة، فلا يحكم بصحّة العبادة عندئذ لا لما أفاده المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من تعلّق النهي بها، بل لعدم الأمر بها وعدم وجود كاشف عن المصلحة، فيتمّ هنا الملاك الثالث للبطلان، وأمّا في مثل الجهر أو الإخفات الذي تكون الملازمة فيه من جانب النهي فقط فلا يستلزم النهي عنه عدم الأمر بالعبادة، فإنّ المكلّف قادر على امتثال كليهما معاً، بأن يصلّي ويجتنب عمّا نُهي عنه من الجهر أو الإخفات.

وأمّا المقام الثاني: فنقول: إنّ النهي المتعلّق بجزء أو شرط أو بفرد من أفراد جزء أو شرط إن كان في مورد توهّم الجزئيّة أو الشرطيّة، كَأن ينهى عن الفاتحة أو الوضوء بالنسبة لصلاة الميّت، أو في موارد توهّم تعيّن ذلك الفرد كَأن ينهى عن القراءة الجهريّة في فرض توهّم تعيّنها، كان ذلك إرشاداً إلى عدم الجزئيّة أو الشرطيّة أو عدم تعيّن ذلك الفرد، لا نهياً مولويّاً، وإلاّ كان إرشاداً إلى المانعيّة ولم


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 293 بحسب الطبعة التي سبق ذكرها.