المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

508

الملاك الأوّل فيه عنواناً، فإنّ مخالفته توجب البُعد عن ساحة المولى بما أنّها مخالفة لنهيه.

وأمّا القسم الثالث ـ وهو النهي النفسيّ خطاباً الغيريّ ملاكاً ـ: فإن قلنا: إنّ مخالفته توجب البُعد بعنوان كونها مخالفة للنهي، فالملاك الأوّل جار هنا بنفس عنوان النهي، أي: إنّه تثبت به مبطليّة هذا النهي للعبادة.

وإن قلنا: إنّ مخالفته توجب البُعد لا بعنوان كونها مخالفة للنهي بل بعنوان تفويت غرض المولى الذي هو عبارة عن التوصّل إلى ذاك الملاك، فالملاك الأوّل جار هنا مورداً لا عنواناً، وبالنتيجة يثبت بطلان العبادة لا محالة.

والخلاصة: أنّه من الواضح أنّ النهي الذي يكون نفسيّاً خطاباً وغيريّاً ملاكاً لا يكون أسوء حالا من النهي الغيريّ خطاباً وملاكاً الذي عرفت جريان الملاك الأوّل فيه مورداً، فالملاك الأوّل جار في ذلك أيضاً ولو مورداً.

وأمّا القسم الرابع ـ وهو النهي الناشئ عن الملاك في نفس النهي ـ: فهو أيضاً بناءً على تصويره تكون مخالفته مبعّدة للعبد بما هي مخالفته، والإشكال في مبعّديّة مخالفته راجع إلى أصل إمكان كون النهي ناشئاً عن الملاك في نفسه. ولو سلّمنا هذا القسم من النهي فلا ينفكّ ذلك عن كون مخالفته مبعّدة، فالملاك الأوّل ثابت هنا عنواناً.

وأمّا القسم الخامس فحاله حال القسم الثالث، فإنّ الخطاب فيه نفسيّ والملاك غيريّ، فإنّا نعلم بأنّ العنوان الثانويّ ـ وهو الإطاعة ـ ليست بنفسها مصلحة، وإنّما تترتّب عليها مصلحة(1). فلا فرق بين هذا القسم والقسم الثالث إلاّ في أنّ الملاك


(1) لا يخفى أنّ الطاعة بنفسها مصلحة. نعم، لو كان العنوان الانتزاعيّ المطلوب