المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

507

تعلّق بصورة الفرد القائمة في نفسه، وكذلك مبادؤه، فمركز الأمر ومبادئه غير مركز النهي ومبادئه.

وهذا بخلاف مسألة القُرب والبُعد، فإنّه لا يُعقل أن يكون المقرّب لهذا العبد الطبيعيّ القائم في نفس المولى أو الطبيعيّ بنفسه؛ فإنّ نسبتهما إلى جميع المكلّفين على حدّ سواء، ولا وجه لأن يكون مقرّباً لبعضهم دون بعض، بل المقرّب لهذا العبد هو الذي يكون مستنداً إليه، وهو الفرد الذي صدر منه الذي هو المبعّد أيضاً، فلزم أن يكون شيء واحد مبعّداً ومقرّباً، وهو محال.

المقام الثاني: في أنّ الملاك الأوّل يجري في أيّ قسم من أقسام النهي؟

التحقيق: أنّه جار في جميع الأقسام: إمّا عنواناً وإمّا مورداً:

أمّا القسم الأوّل ـ وهو النهي الغيريّ خطاباً وملاكاً ـ: فهذا الملاك غير جار فيه بعنوان النهي؛ لما هو التحقيق ـ وفاقاً للمشهور ـ من أنّ مخالفة الخطاب الغيريّ بما هي مخالفة لذلك الخطاب لا توجب البُعد عن المولى واستحقاق العقاب. نعم، نحن اخترنا في محلّه أنّ مخالفته توجب البُعد، لا بما أنّها مخالفة له، بل بما أنّها عمل ناش من نيّة المعصية؛ حيث إنّ التحقيق أنّ العمل الناشئ من نيّة المعصية يوجب البُعد واستحقاق العقاب، وإن لم يكن ذلك نفس المعصية بل كان من مقدّماته مثلا، ولو لم يكن هناك خطاب غيريّ، بأن أنكرنا الخطاب الغيريّ رأساً، أو كانت مقدّمة إعداديّة للحرام التي لا إشكال في عدم تعلّق النهي بها غيريّاً، لكنّه فُرِض أنّه أتى بها بقصد التوصّل إلى الحرام، فإنّه حينئذ مستحقّ للعقاب وإن فُرض أنّه مات قبل الوصول إلى الحرام بدون أن يتوب.

ومن هنا ظهر تأتّي الملاك الأوّل في مورد القسم الأوّل من أقسام النهي وثبوت بطلان العبادة بذلك، وإن كان الصحيح عدم تأتّيه فيه بالنظر إلى عنوان النهي.

وأمّا القسم الثاني ـ وهو النهي النفسي خطاباً وملاكاً ـ: فمن الواضح تأتّي