المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

505

والملاك الأوّل في عرض الملاك الخامس.

والحاصل: أنّنا نحن نقطع النظر عن مسألة الحكومة لنتكلّم في كلّ واحد من تلك الملاكات في حدّ ذاته، فنقول ومن الله التوفيق:

أمّا الملاك الأوّل: فتارة يقع الكلام في صحّته في نفسه، واُخرى في أنّه بعد فرض صحّته يجري في أيّ قسم من أقسام النواهي، فهنا مقامان:

المقام الأوّل: في صحّة الملاك الأوّل وعدمها.

التحقيق: هو الصحّة، وأنّه يثبت بذلك بطلان العبادة إذا كان النهي واصلا، فإنّ المبعّديّة والمقرّبيّة متضادّتان ولا يمكن أن يكون شيء واحد مقرّباً ومبعّداً.

ولا يخفى: أنّ المراد بالقُرب والبُعد هو القُرب والبُعد اللذان ينتزعهما العقل في مقام العبوديّة عن جري العبد على وفق مقتضى العبوديّة أو على خلافه، لا القُرب والبُعد الحاصلان بالنظر إلى الأغراض النفسيّة اللذان هما نتيجة الإتيان بما يحبّه الشخص أو بما يبغضه.

ومن هنا ظهر ما في كلام السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ حيث قال: الصحيح في المقام هو: عدم صحّة العبادة المنهيّ عنها؛ لاستحالة التقرّب بالمبغوض وما يصدر قبيحاً في الخارج، فالعبادة المنهيّ عنها بما أنّها بنفسها قبيحة ومبغوضة للمولى غير قابلة لأن يتقرّب بها من المولى بالضرورة، فتقع فاسدة لا محالة(1). انتهى.

والإشكال فيه هو: أنّ المبغوضيّة إنّما تنتج المبعّديّة بمعنى البُعد الحاصل بالنظر إلى الأغراض النفسيّة، والمقصود فيما نحن فيه إنّما هو البُعد المنتزع عقلا عن


(1) أجود التقريرات، ج 1، ص 396، تحت الخطّ بحسب الطبعة المشتملة على تعاليق السيّد الخوئيّ(رحمه الله).