المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

466

وأمّا الكلام في الصغرى: ففي مجال التطبيق نأخذ الصلاة ونتكلّم فيها في ثلاث حالات:

الحالة الاُولى: أن نفترض أنّ المكلّف مبتلى بالمكان المغصوب في تمام الوقت. والمعروف بين المحقّقين في مثل ذلك أنّ هذه الصلاة تكون صغرى للكبرى المتقدّمة، فإنّه لابدّ من التصرّف الغصبيّ على أيّ حال.

وذهب بعض إلى أنّ التصرفات الصلاتيّة تزيد في التصرّفات الغصبيّة، فإنّه بالإمكان أن يبقى ساكناً من دون أن يركع ويسجد، فالصلاة الاختياريّة فيها غصب أكثر من المقدار المضطرّ إليه فتحرم وتبطل.

وعلّق صاحب الجواهر على ذلك بأنّ مثل هذا الاستدلال ينشأ في بادئ الأمر من قلّة التدبّر ثُمّ من صعوبة التراجع.

وتوضيح ذلك: أنّه بحسب الحقيقة لا يتصوّر بالنسبة لهذا الشخص أن يكون فعله الصلاتيّ مستوجباً لغصب زائد، فإنّ الغصب إمّا يتمثّل في إشغال الحيّز من الفضاء، أو يتمثّل في إلقاء الثقل على الأرض المغصوبة، وكلّ منهما لا يعقل أن يزيد مهما كان وضعه، فمقدار شغل الحيّز لا يختلف باختلاف الأشكال الهندسيّة، والثقل أيضاً لا يختلف بالقيام والقعود أو السجود. وتخيّل أقلّيّة الغصب عند السكون مبنيّ على أحد تصوّرين:

التصوّر الأوّل: أن يقال بأنّ هذا الإنسان إذا بقي ساكناً فقد ارتكب حراماً واحداً، وهو الجلوس ـ مثلا ـ في المكان المغصوب، وإذا جلس مرّة وركع اُخرى وقام ثالثة فقد ارتكب محرّمات عديدة.

والجواب عن ذلك واضح، وهو: أنّ الجلوس المستمرّ هو بحسب الحقيقة إشغالات متعدّدة للأرض وليس حراماً واحداً، وإلاّ لما اختلف الجلوس ساعةً والجلوس سنة في المغصوب.