المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

453

ولا يبعد أن تكون هذه النواهي في هذا القسم إرشاديّة أيضاً بلحاظ أنّ المكلّف عادة لا يصوم الدهر كلّه وإنّما يصوم بعض الأيّام دون بعض، فيرشد من يريد أن يصوم بعض الأيّام إلى اختيار غير هذا اليوم، فيصبح حال ذلك من هذه الناحية حال (صلّ) و(لا تصلّ في الحمّام)(1).

 


المفروض أنّه تنزيهيّ، والنهي التنزيهيّ عن الإتيان بالفعل بداعي امتثال الأمر المتعلّق به متضمّن للترخيص في الإتيان بالفعل بداعي امتثال الأمر المتعلّق به.

ويرد عليه ـ لو سُلّم أنّ متعلّق الكراهة هو الفعل المتعبّد به لا ذات الفعل ـ:

أوّلا: أنّ المحبوبيّة في العبادات متعلّقة بالفعل الذي يؤتى به بداعي التعبّد، والمفروض أنّ هذا هو متعلّق الكراهة.

وثانياً: أنّه لو غُضّ النظر عن ذلك أمكن أن يقال أيضاً: إنّ هذا الأمر وذاك النهي يستحيل أن يجتمعا؛ لأنّ الأمر لو حرّك لكان معنى تحريكه أنّ العبد يأتي بالعمل بقصد الأمر والتعبّد، وهذا مكروه عند المولى بحسب ما دلّ عليه النهي، فلو أنّ المولى يكره محرّكيّة الأمر فلماذا يأمر؟!

(1) بعد فرض قيام إجماع أو ضرورة على صحّة العمل لابدّ من الحمل على هذا المعنى الذي ذكره سيّدنا الاُستاذ(رحمه الله) أو الحمل على كون الترك المتعنون بعنوان داع معيّن أفضل من الفعل، لا كون مطلق الترك أفضل من الفعل، وذلك بأن يقال مثلا: إنّ ترك الصوم بداعي المخالفة العمليّة لسيرة بني اُميّة أفضل من الصوم، أمّا من لا يوجد في نفسه داع من هذا القبيل ودار أمره بين أن يصوم وبين أن يترك الصوم لا بهذا الداعي، فالصوم بالنسبة إليه أفضل من الترك، وهذان الوجهان يتعيّن المصير إلى أحدهما في هذا القسم متى ما كان إجماع أو ضرورة أو دليل آخر على صحّة العمل، إلاّ أنّ الوجه الثاني لا يطّرد في كلّ الموارد كما هو الحال في كراهة صوم يومين بعد عيد الفطر، فإنّه يتعيّن فيها الأوّل. وقد