المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

451

من هذا الأمر صرف المكلّف عن الأهمّ أو المساوي فهذا لا وجه له، ولو كان هدفه أن يجمع المكلّف بين العملين فهذا غير معقول؛ لفرض التضادّ.

وعلى هذا نقول في المقام: إنّ الأمر بصوم يوم عاشوراء ـ مثلا ـ لابدّ أن يؤخذ في موضوعه عدم الانشغال بضدّ مساو أو أهمّ، والضدّ هو ترك الصوم، فلابدّ أن يؤخذ عدم الترك ـ وهو الفعل ـ في موضوع الاستحباب، بينما لا معنى للأمر بالفعل في طول وقوعه(1).

وبعد هذا نرجع إلى نفس كلام صاحب الكفاية وهو وقوع التزاحم الملاكيّ بين الفعل والترك، وبما أنّ الترك كان أرجح أصبح الفعل مكروهاً ولكن يمكن الإتيان بالفعل بقصد الملاك.

وقد يورد على ذلك بأنّه إذا كان الأمر الفعليّ متعلّقاً بالترك إذن فبقانون (أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه العامّ) يكون الفعل منهيّاً عنه ومبغوضاً، ومعه يستحيل التقرّب به، وبهذا يظهر الفرق بين التزاحم الملاكيّ في النقيضين والتزاحم الملاكيّ في الضدّين، فإنّه في الضدّين لا يصبح الضدّ الآخر مبغوضاً.

وهذا الإشكال قد يجاب عليه بعدّة أجوبة:

منها: مثلا أنّ النهي عن النقيض نهي غيريٌّ لا يوجب بطلان العبادة؛ لأنّه لا بُعد


(1) ولك أن تقول: بما أنّ الأمر بقصد الأمر غير مأخوذ في متعلّق الأمر العباديّ، بل الأمر العباديّ متعلّق بذات الفعل، فقد رجع الأمر بالفعل مع الأمر بالترك إلى الأمر بالنقيضين. ولعلّ عدم ذكر اُستاذنا(رحمه الله) هذا البيان وانتقاله إلى البيان المذكور في المتن ناتج من أنّ هذا البيان متوقّف على تسليم إطلاق الأمر بلحاظ متعلّقه لفرض عدم قصد الأمر، وإن كان الأمر يتجدّد دائماً بعد العمل به ما لم يقصد المكلّف امتثال الأمر، وهذا مبنى خاصّ لاُستاذنا الشهيد(رحمه الله) فلم يرد مجادلة الآخرين بمبنى خاصّ له.