المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

450

فإنّ أحدهما ضروريّ الوقوع(1).

بينما صاحب الكفاية إنّما يقصد بالتزاحم التزاحم الملاكيّ ولا يقول بوجود جعلين في المقام، كي يقال: إنّ هذا غير معقول، بل يقول: توجد محبوبيّتان إحداهما أقوى من الاُخرى، ولكنّ الأضعف أيضاً محفوظ في المقام على أيّ حال، فيمكن التقرّب بالملاك.

غير أنّ السيّد الاُستاذ ـ دام ظلّه ـ كأنّه مشى وفق فهم المحقّق النائينيّ(رحمه الله) وأراد أن يصوّر التزاحم الحقيقيّ في محلّ الكلام تبريراً لكلام صاحب الكفاية، فقال: إنّ التزاحم بين النقيضين وإن كان غير معقول إلاّ أنّه في المقام نُرجع التزاحم إلى التزاحم بين الضدّين، فإنّ مقصودنا بالضدّين ليس هو الضدّين الفلسفيّين، وإنّما المقصود كلّ حالتين متنافيتين ولهما ثالث، فما لم يكن لهما ثالث لا يعقل التزاحم، وإذا كان لهما ثالث كان التزاحم معقولا، وفي المقام يوجد الثالث؛ لأنّ ملاك الأمر ليس قائماً بمطلق الفعل كي لا يوجد لهما ثالث، وإنّما هو قائم بحصّة خاصّة للفعل وهي الفعل مع قصد القربة، فهناك حالة ثالثة وهي أن يصوم بلا قصد القربة(2).

وهذا الكلام لا يمكن المساعدة عليه كما يظهر ذلك ببيان مقدّمة حاصلها: أنّه كما قلنا في الأوامر الوجوبيّة بأنّ كلّ أمر مقيّد لبّاً بعدم الانشغال بضدّ أهمّ أو مساو، كذلك الأمر الاستحبابيّ مقيّد بذلك بنفس البرهان، وهو: أنّ المولى لو كان هدفه


(1) راجع فوائد الاُصول، ج 1 و 2، ص 439 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات، ج 1، ص 364 ـ 365 بحسب الطبعة المشتملة على تعاليق السيّد الخوئيّ(رحمه الله).

(2) راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 364، والمحاضرات، ج 4، ص 318 بحسب طبعة مطبعة صدر بقم.