المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

449

طلباً للترك باعتبار محبوبيّته، وغاية ما يلزم من ذلك التزاحم بين ملاك محبوبيّة الفعل وملاك محبوبيّة الترك من دون أن تفترض مبغوضيّة أصلا، وحيث إنّ محبوبيّة الترك أقوى من محبوبيّة الفعل قدّمت عليها وكان الأمر على طبق الأقوى، فالحكم الفعليّ هو الأمر بالترك المعبّر عنه بالنهي، فيسقط طلب الفعل خطاباً ولكنّه باق ملاكاً كما هو الحال في سائر موارد التزاحم، فيمكن تصحيح العبادة بالملاك بلا حاجة إلى الأمر(1). هذا خلاصة مرام صاحب الكفاية مع عزل نكتة لعلّه سوف تأتي الإشارة إليها.

وكأنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله) فهم من هذا التزاحم التزاحم الحقيقيّ الذي هو يقوله، أي: التزاحم في عالم الامتثال لا التزاحم الملاكيّ، فالتكليفان ثابتان على القادر إلاّ أنّهما لا يصبحان فعليّين معاً على المكلّف. ومن هنا أشكلعلى صاحب الكفاية بأنّه لا يُعقل التزاحم في المقام؛ إذ لا يُعقل جعل الاستحباب لكلّ من النقيضين في نفسه، وإذا وُجد ملاكان للمحبوبيّة في كلّ من النقيضين فإن كان أحدهما أقوى تعيّن الحكم على طبقه بالخصوص، وإن تساويا فلا يُعقل جعل الاستحباب لا تعييناً؛ إذ لا يُعقل الجمع بينهما، ولا تخييراً(2)؛


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 256 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعاليق المشكينيّ.

(2) كأنّ هذا التعبير نتج من التبعيّة للتعبير الوارد في أجود التقريرات من قوله: «لاستحالة تعلّق الطلب التخييريّ بالنقيضين» في حين أنّ التعبير الأفضل ليس هو أن نقول: (لا يمكن تعلّق الاستحباب لا بهما تعييناً؛ إذ لا يُعقل الجمع، ولا تخييراً؛ إذ أحدهما ضروريّ الوقوع) بل التعبير الأفضل هو أن يقال: (لا يمكن تعلّق الاستحباب بهما لا عرضاً؛ إذ لا يُعقل الجمع، ولا ترتّباً؛ لضروريّة أحدهما عند عدم الآخر).