المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

448

هذا تمام الكلام في القسم الأوّل من العبادات المكروهة.

وأمّا القسم الثاني ـ وهو العبادة التي تعلّق بها النهي التنزيهيّ وليس لها بدل، من قبيل صوم يوم عاشوراء لو قلنا بكراهته، ومن قبيل صوم يومين بعد عيد الفطر، فإنّه مكروه ـ فهنا يتبادر إلى الذهن عدم تماميّة الأجوبة السابقة:

أمّا الجواب بالحمل على الإرشاد إلى أقلّيّة الفضل أو أفضليّة البديل ـ أو قل: إلى الانتقال إلى البديل ـ فلأنّه لا بديل في المقام كي يرشد إلى الانتقال إليه.

وأمّا الجواب بصرف النهي إلى النهي عن الخصوصيّة دون الحصّة فلا أثر لذلك في المقام؛ لأنّ هذا الفرد من الصوم ملازم لتلك الخصوصيّة المنهيّ عنها، فيكون الامتثالان متضادّين دائماً وهو غير معقول.

وأمّا الجواب الثالث فأيضاً لا يأتي في المقام، فإنّ ملاك النهي إن فُرض كونه غالباً كان الصوم مبغوضاً بالفعل فكيف يكون عبادة؟ وإن فُرض مغلوباً فلا يعقل أن يستتبع النهي، فإنّ النهي هنا يفوّت الملاك الأهمّ على المولى؛ إذ لا بديل له هنا.

والمحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) أجاب بتسليم أنّ النهي متعلّق بالصوم إلاّ أنّه ليس نهياً ناشئاً عن مفسدة ومبغوضيّة قائمة بالصوم، كي يلزم كون الصوم مبغوضاً بالفعل ويستحيل صحّته، وإنّما هو ناشئ من مصلحة قويّة في الترك، فروح النهي يكون


قبيل ظهور النهي في الانحلال الناشئ من غلبة انحلاليّة المفاسد، ففي مورد مّا لو لم يعرف العرف أنّ المفسدة انحلاليّة أو لا، بقي النهي على ظهوره في الانحلال.

أمّا في المقام فمن الواضح عند العرف إمكانيّة الجمع بين المبدأين وصدور النهي عن المبدأ المغلوب، وفي هذا الفرض نمنع بقاء ظهور للنهي في فعليّة المبادئ. نعم، مع حمل النهي على الحرمة وفرض عباديّة المتعلّق يكون المبدأ فعليّاً عند العلم بالحرمة من ناحية عدم إمكانيّة تحصيل ملاك الأمر؛ لأجل عدم تمشّي القربة، وهذا مطلب آخر.