المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

446

الظهور الثاني: ظهور النهي في أنّه متعلّق بالحصّة الخاصّة وهي الصلاة في الحمّام، أي: بالمقيّد لا بخصوصيّة الحمّاميّة وهي التقيّد، فنأوّل قوله: (لا تصلّ في الحمّام) ـ بعد تسليم كونه مولويّاً ـ الظاهر في النهي عن المقيّد إلى النهي عن القيد وهو التواجد في الحمّام عند الصلاة، وبذلك تنحلّ المشكلة.

وليس الكون في الحمّام كالكون في المغصوب؛ فإنّ السجود الذي هو إلقاء الثقل على الأرض يعتبر تصرّفاً في المغصوب، فيكون حراماً ولكن ليس نفس إلقاء الثقل هو الكون في المكان كي يكون مكروهاً(1).

الظهور الثالث: ظهور النهي وظهور أيّ خطاب مولويّ في أنّه ناشئ من مبادئ فعليّة من الحبّ والبغض والمصلحة والمفسدة لا من مبادئ مغلوبة ومندكّة، فيقال:


(1) لا يخفى أنّ حلّ الإشكال عن طريق أنّ الكون في الحمّام لم يتّحد مع الصلاة ليس حلاّ مطّرداً، فماذا نصنع ـ مثلا ـ فيما لو أوجب المولى عملا يكون من جزئه الكون في المكان، كما لو افترضنا الكون في المكان أحد أعمال الصلاة، ونهى نهياً كراهتيّاً عن إيقاعه في الحمّام؟

وبالإمكان أن يتمسّك للحلّ بأنّه بعد صرف النهي عن كونه نهياً عن الحصّة إلى كونه نهياً عن القيد أصبح الواجب والمكروه متعدّداً عنواناً؛ لأنّ الواجب هو العنوان المنتزع عن الجنس، والمكروه هو العنوان المنتزع عن الفصل، وقد مضى فيما سبق أنّ الأمر بعنوان الجنس مع النهي عن الخصوصيّة الفصليّة وإن كان لا يتمتّع بنكتة تعدّد المعنون؛ لأنّ الجنس والفصل يوجدان خارجاً بوجود واحد، ولكنّه يتمتّع بنكتة تعدّد العنوان، وقد قلنا: إنّ هذا كاف في حلّ الإشكال. نعم، قلنا في التحفّظ الأوّل: إنّنا لا نقبل في العبادات بصحّة العمل مع تنجّز الحرمة، وذلك على أساس الخلل الذي يتّجه إلى التقرّب، لكن هذا الخلل إنّما يكون في فرض الحرمة دون الكراهة، فكراهة الفصل لا تمنع عن التقرّب بالجنس الواجب.