المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

443

هو عدم لا يكون مؤثّراً في إيجاد شيء أصلا. ومتى ما كان عدم شيء دخيلا في صدور المقتضى من المقتضي فهو من باب أنّ نقيض العدم يكون مانعاً عن تأثير المقتضي في مقتضاه باعتباره مقتضياً لضدّ ما يقتضيه ذلك المقتضي.

ولو كان بمعنى أنّ خصوصيّة الإيقاع في الحمّام تقتضي ما يكون ضدّاً للدرجة الخامسة فهذا يعني أنّها تقتضي الحزازة والمنقصة حتّى تكون مضادّة للدرجة الخامسة، إذن فدخل في الحساب عنصر المبغوضيّة والمنقصة، فلابدّ أن يبحث عن أنّها كيف اجتمعت مع الأمر.

نعم، لو افترضنا أنّ الواجب النفسيّ قد تكون محبوبيّته على أساس أنّ ملاك غير ذاك الواجب يترتّب على ذاك الواجب ارتفع هذا الإشكال؛ فإنّ غاية ما يلزم هي أنّ الصلاة تحدث آثاراً خمسة وأنّ خصوصيّة الحمّاميّة تقتضي ضدّ الأثر الخامس، وهذا الضدّ لا يلزم أن يكون مفسدة وحزازة، فإنّ ضدّ المحبوب لا يلزم أن يكون مبغوضاً، فقد يكون أمران كلاهما في نفسه محبوب؛ لما تترتّب عليه من مصلحة لكنّهما ضدّان، فالأكل ضدّ للصلاة وقد يكونان محبوبين، والتوجّه إلى الله محبوب وهو أحياناً ضدّ للتوجّه إلى الأهل والعيال، وهذا لا يعني كون التوجّه إلى الأهل والعيال غير محبوب(1).

 


(1) لا يخفى أنّ صاحب الكفاية قد ذكر في بحث الواجب النفسيّ والغيريّ: أنّ أكثر الواجبات من العبادات والتوصّليّات يترتّب عليها فوائد ومصالح ولكن صارت واجباً نفسيّاً لكونها معنونة بعنوان حسن يستقلّ العقل بمدح فاعله بل وذمّ تاركه، ولا ينافيه كونه في نفس الوقت مقدّمة لأمر مطلوب واقعاً، وهذا بخلاف الواجب الغيريّ لتمحّض وجوبه في أنّه لكونه مقدّمة لواجب نفسيّ، وهذا أيضاً لا ينافي أن يكون معنوناً بعنوان حسن في نفسه إلاّ أنّه لا دخل له في إيجابه الغيريّ، راجع الكفاية، ج 1، ص 172