المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

442

والمحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) أجاب على هذا الإشكال بتأويل الكراهة(1) وحملها على أنّها ليست كراهة مولويّة بل نهي إرشاديّ، إرشادٌ إلى نقص هذا القسم في مصالحها عن المقدار الثابت طبيعيّاً لهذه العبادة من دون افتراض أيّ حزازة في هذه الحصّة، فمثلا الصلاة إذا لوحظت بطبيعتها بما هي هي يكون لها رجحان بمقدار خمس مراتب، وإذا وقعت في المسجد فهذه مزيّة تصعّد درجة الرجحان إلى ستّ مراتب، وإذا وقعت في الحمّام نقصت درجة المزيّة ووصلت إلى أربع مراتب، وأقلّ ما يكتفي به الشارع هو أربع مراتب، ولكن حرص المولى على إرشاد العبد إلى تحصيل المراتب الأكبر فأمر استحبابيّاً بالصلاة في المسجد، ونهى كراهتيّاً عن الصلاة في الحمّام، فهذه الأوامر الاستحبابيّة والنواهي الإرشاديّة ترشد إلى وجود مصلحة زائدة أو إلى فوات بعض المصلحة.

إلاّ أنّ حمل النهي على مجرّد الإرشاد بمعنى تجريده عن أيّ دلالة على الحزازة والمبغوضيّة المولويّة لا يصحّ على مبنى صاحب الكفاية من أنّ الواجب النفسيّ ملاكه ومحبوبيّته ذاتيّان، أي: ليست محبوبيّته لملاك يترتّب عليه، بل هو بنفسه عبارة عن الملاك المحبوب على أساس تعنونه بعنوان حسن(2)، فإنّنا نقول على هذا المبنى: إنّ تأثير خصوصيّة الإيقاع في الحمّام في نقص الدرجات لو كان بمعنى أنّ عدم هذه الخصوصيّة كان مؤثّراً في الدرجة الخامسة من المحبوبيّة ـ مثلا ـ فزالت الدرجة الخامسة بانتقاض هذا العدم، فهذا مستحيل؛ لأنّ العدم بما


(1) هذا هو الجواب الذي خصّ صاحب الكفاية به هذا القسم بعد افتراضه أنّ هذا القسم بإمكانه أن يشترك مع القسم الثاني في الجواب.

(2) راجع الكفاية، ج 1، ص 172 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعاليق المشكينيّ.