المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

44

تقدّم أحد المتقارنين على شيء ـ وهي العلّيّة ـ ثابتة في مقارنه، كما أوضح ذلك أيضاً الحكماء، وإن كان قد يتراءى من عبارة الشيخ الرئيس صحّة قاعدة: ما مع المتقدّم متقدّم في عالم الرُتَب.

هذه هي ما قيل أو يمكن أن يقال من البراهين على عدم مقدّميّة ترك أحد الضدّين للضدّ الآخر، وقد صحّ منها عدّة براهين، وهي: البرهان الأوّل والثاني والثالث والسادس والسابع.

 

الكلام في التفصيل بين الضدّ الموجود والضدّ المفقود:

بقي هنا تفصيل، وهو: التفصيل بين الضدّ الموجود والضدّ المفقود، فيقال: إنّ الضدّ الموجود يكون عدم بقائه مقدّمة لحدوث الضدّ الآخر، ولكن ليس عدم حدوث الضدّ المعدوم مقدّمة لضده.

وهذا لا يرد عليه برهان الدور، سواءً كان بصياغته المشهورة، أو بصياغة برهاننا الثاني، كما هو واضح.

نعم، يرد عليه البرهان الثالث والسابع، حيث يقال: إنّه في ظرف بقاء الضدّ الموجود بما هو كذلك، يكون حدوث الضدّ المعدوم مستحيلا بالذات، فلا يعقل كون هذا البقاء علّة لعدم حدوثه. أو يقال: إنّه في مورد الضدّين اللذين لا ثالث لهما يكون ثبوت أحد الضدّين ضروريّاً في ظرف انعدام ما وجد من الضدّ الآخر، ولم تبق فيه جهة إمكان حتّى يبدّل إلى الوجوب بسبب عدم هذا الضدّ.

وأمّا البرهان الأوّل الذي حاصله هو: أنّ وجود الضدّ يكون في طول مقتضيه، وذلك المقتضي قد منع سابقاً عن وجود الضدّ الآخر، فلا تصل النوبة إلى منع هذا الضدّ عن ذلك، فجريانه في المقام مبنيّ على القول بأنّ بقاء الشيء ـ كحدوثه ـ يحتاج إلى مقتض، فيقال أيضاً: إنّ بقاء الضدّ الموجود يكون في طول مقتضيه