المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

439

عنوانه، وهذا لا ينافي انطباق عنوان آخر محرّم على نفس مصداق ذاك العنوان فيحرم بالعنوان الآخر.

وإن شئت فقل: إنّ دليل الترخيص إنّما دلّ على أنّه لم يجعل التحريم على هذه الحصّة بواسطة انطباق العنوان الفلانيّ عليه وهذا لا ينافي تحريمها بعنوان آخر.

وبكلمة اُخرى: إنّ المفهوم من دليل الترخيص ليس إلاّ الحكم الحيثيّ، أي: إنّ شرب الحليب ـ مثلا ـ من حيث أنّه شرب الحليب لم يجعل عليه الحرمة، وقد يكون حكمه الفعليّ الحرمة بعنوان الغصب مثلا.

وعندئذ نأتي إلى المقام ونقول: هل المفروض أنّ الأمر بالجامع يقتضي الترخيص في الحصّة بمعنى الترخيص الحيثيّ، أو يقتضي الترخيص الفعليّ فيها؟ فإن فُرض الثاني وقع التعارض بينه وبين النهي عن الغصب، فلم تنطبق عليه نكتة كبرى الأخذ بالدليل الإلزاميّ، وهي عدم التعارض رأساً بالبيان الذي عرفت. وإن فُرض الأوّل إذن لا يمتنع اجتماع الأمر والنهي؛ لأنّ الترخيص الحيثيّ لا يولّد التعارض بينهما، وهذا خلف الفرض فإنّنا نتكلّم مبنيّاً على الامتناع.

إذن، فاتّضح أنّه لا نكتة فنّيّة لتقديم النهي على الأمر. وأمّا بقيّة الكلمات من قبيل: أنّ النهي مقدّم بالاستقراء أو باعتبار أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المفسدة، فلا تستحقّ التعرّض.

 

تحقيق حال العبادات المكروهة:

التنبيه الثامن: في تحقيق حال العبادات المكروهة.

وقد جعلت العبادات المكروهة دليلا إنّيّاً على جواز اجتماع الأمر والنهي حيث يقال: إنّ التضادّ لا يختصّ بالوجوب والحرمة، فكلّ الأحكام الخمسة متضادّة فيما بينها، والعبادات المكروهة قد ثبتت فقهيّاً صحّتها، وهذا يعني أنّها