المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

438

فلو سلّمنا هذا من المحقّق النائينيّ(رحمه الله) كان الإطلاق الشموليّ في دليل (لا تغصب) مقدّماً على الإطلاق البدليّ في (صلّ) لا من باب تقديم أقوى الدليلين على الآخر بل بالورود، من باب أنّ الإطلاق الشموليّ رفع موضوع الإطلاق البدليّ الذي هو القدرة، فإنّ دليل (لا تغصب) يقول: إنّ هذه الحصّة غير مقدورة، فلا يشملها دليل (صلّ). نعم، لو بدّل النهي التحريميّ بالنهي الكراهتيّ فنكتة التقدّم لا تأتي، فإنّ دليل (صلّ) موضوعه المقدور عقلا وشرعاً، والمكروه مقدور عقلا وشرعاً.

الوجه الثاني: أن يقال: إنّه كلّما وقع التعارض بالعموم من وجه بين دليل إلزاميّ ودليل ترخيصيّ ُقدّم الأوّل على الثاني، فمثلا لو ورد الدليل على جواز شرب الحليب، ودليلٌ آخر على حرمة الغصب، فلا إشكال في أنّه يحرم شرب الحليب المغصوب، فنطّبق هذه الكبرى على المقام بأن يقال: إنّ النهي عن الغصب حكم إلزاميّ، والأمر بالصلاة أوجب الترخيص في التطبيق على كلّ الحصص، وهذا الترخيص هو الذي أوجب التعارض، وهو حكم ترخيصيّ، فيقدّم (لا تغصب) عليه، وذلك بناءً على مبنى المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ الامتناع حينما يكون فهو بملاك اقتضاء الأمر للترخيص في التطبيق، لا بناءً على أنّ نفس الأمر بالجامع والنهي عن الحصّة متضادّان بغضّ النظر عن مسألة اقتضاء الأمر للترخيص في التطبيق.

ولكنّ الصحيح أنّ كبرى تقديم الدليل الإلزاميّ على الترخيصيّ لاتنطبق على المقام حتّى بناءً على كون نكتة التعارض هي اقتضاء الأمر للترخيص في التطبيق لا التضادّ بين نفس الأمر والنهي. ويتّضح ذلك بالالتفات إلى نكتة هذه الكبرى، وبيان ذلك: أنّه حينما يوجد الترخيص على عنوان والإلزام بلحاظ عنوان آخر وبينهما عموم من وجه ففي الحقيقة لا يوجد تعارض بينهما، لا أنّهما تعارضا وقدّمنا الدليل الإلزاميّ؛ وذلك لأنّ دليل الترخيص إنّما دلّ على الترخيص في