المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

437

ليس بطروّ تقييد زائد على الهيئة، فدليل (لا تغصب) إنّما أثبت ـ بعد فرض تقدّم النهي على الإطلاق البدليّ للمادّة ـ أنّ المادّة مقيّدة بإباحة المكان، وحينئذ يقال: إنّ هذا الواجب المقيّد بإباحة المكان أصبح عند عدم المندوحة غير مقدور، فسقط الوجوب بعدم القدرة، ومن الواضح أنّ دليل الوجوب مقيّد من أوّل الأمر بالقدرة، فليس (لا تغصب) هو الذي أضاف قيداً إلى الهيئة(1). إذن فطرف المعارضه لـ (لا تغصب) مطلقاً هو الإطلاق البدليّ لمادّة (صلّ).

الأمر الثاني: أنّنا وإن قلنا بأ نّا سوف لا نقبل كبرى تقدّم الإطلاق الشموليّ على البدليّ بما هما كذلك بشكل عامّ، ولكن قد يدّعى هذا التقديم في خصوص المقام ببيان لا يسري إلى بقيّة الموارد، وذلك بالبناء على مبنى المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ الأمر يختصّ دائماً بحسب طبعه بخصوص الحصّة المقدورة، فالمقدوريّة قيد محصّص للمادّة في باب الأوامر بقرينة متّصلة وهي كون الأمر بداعي المحرّكيّة، وغير المقدور شرعاً كغير المقدور عقلا، فمادّة الأمر هي مقيّدة من أوّل الأمر بالقدرة العقليّة والشرعيّة.


(1) لا يخفى أنّ المقصود ليس هو تقديم (لا تغصب) على (صلّ) بمجرّد حجّة أنّ الأمر مشروط بالقدرة على الفعل، فالنهي يرفع موضوعه بسلب القدرة على الفعل، حتّى يقال: لِمَ لا نعكس ونقول: إنّ النهي مشروط بالقدرة على الترك؟ فالأمر يرفع موضوعه بسلب القدرة على الترك. بل المقصود تقديم (لا تغصب) على (صلّ) بحجّة شموليّة إطلاق (لا تغصب) وبدليّة إطلاق (صلّ).

فإن قيل: إنّ (لا تغصب) لو قدّم على (صلّ) لقيّد إطلاق الهيئة في (صلّ) أيضاً الذي هو أيضاً شموليّ، كان الجواب: أنّ تقديم (لا تغصب) لم يضف قيداً على هيئة (صلّ)؛ لأنّها من أوّل الأمر مقيّدة بالقدرة و(لاتغصب) سلب القدرة بتقدّمه على مادّة (صلّ) باعتبار تقدّم الشموليّ على البدليّ.