المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

435


أمّا لو نسي وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه فسجد على ما لا يصحّ السجود عليه، فهذا في الحقيقة داخل في المستثنى لا في المستثنى منه، أي: أنّ صلاته بطلت؛ لأنّ سجوده بطل وهو من الاُمور الخمسة، فلا يقال بصحّة صلاته من باب احتفاظه بأصل السجود وبباقي الاُمور الخمسة، وما نحن فيه من هذا القبيل؛ لأنّ السجود أيضاً أصبح غصباً أو الركوع أصبح غصباً فبطل، فكأنّه لم يسجد أو لم يركع، فبطلت صلاته ببطلان بعض الاُمور الخمسة.

ويمكن أيضاً المناقشة في هذا الوجه بمناقشتين اُخريتين ولكنّهما جميعاً قابلتان للنظر:

الاُولى: أنّ (لا تعاد) تنظر إلى الشرائط الأوّليّة التي اُخذت في الصلاة مباشرة، لا إلى شرط اتّخذ في طول مصادمة دليل (صلّ) لدليل حكم آخر لا علاقة له مباشرة بعنوان الصلاة كـ (لا تغصب).

وفيه: أنّ هذا التصادم لم يفترض إلاّ كاشفاً عن شرط من شروط الصلاة وهو إباحة المكان، وبعد هذا الكشف ليس حال هذا الشرط إلاّ حال باقي الشروط المشمولة لحديث (لا تعاد).

والثانية: أنّ المتبادر إلى الذهن من (لا تعاد) هو أنّ المتبقّى من أجزاء الصلاة وشرائطها بعد ما ترك بالنسيان أو الجهل مشتمل على شيء من المحبوبيّة في حال النسيان أو الجهل، ولا يشمل شرطاً فُهم من النهي فقدان المحبوبيّة عن باقي الأجزاء والشرائط بعد فقده؛ لأنّ النهي دلّ على البغض. وإن شئت فاجعل هذا تطويراً للمناقشة السابقة.

إلاّ أنّ هذا التبادر أو الانصراف دعوى لا شاهد لها، فلعلّ المقصود بصحّة الباقي بعد فقدان شرط مّا بالجهل أو النسيان: صحّته بلحاظ اشتماله على مقدار من الملاك، أو بلحاظ منعه عن إمكانيّة التدارك، أو بلحاظ التسهيل، أو نحو ذلك.