المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

433

كَأن يكون أحدهما علّة للآخر(1).

الوجه العاشر: أنّه بناءً على الامتناع وإن لم يكن الملاك في المجمع محرزاً بإطلاق المادّة أو بالدلالة الالتزاميّة، كي يتأتّى ما مضى من الوجه الثالث من أنّه تصحّ الصلاة الواجدة للملاك لو تمشّت القربة، والقربة تتمشّى مع الجهل بالحرمة، ولكن عدم الملاك أيضاً غير محرز؛ فإنّ ما يمكن أن يُحرز به عدم الملاك هو افتراض أنّ مادّة الصلاة في (صلّ) مقيّدة بغير الصلاة في المجمع، وأنّ هيئة (صلّ) مطلقة تشمل حتّى فرض الإتيان بالصلاة في المجمع، فيصبح هذا دليل على أنّ الأمر بالصلاة في غير المجمع يشمل حتّى من صلّى في المجمع.

ولكن لا دليل على صحّة هذا الافتراض، فإنّ (لا تغصب) وإن دلّ على لزوم إدخال قيد في (صلّ) كي لا يلزم اجتماع الأمر والنهي، ولكن كون هذا القيد راجعاً إلى المادّة لا الهيئة غير معلوم، ومعه لا نجزم بعدم الملاك في المجمع.

وحينئذ نقول: إنّه مع العلم بالحرمة لا إشكال في بطلان الصلاة بعد فرض تقديم الحرمة؛ لعدم تمشّي القربة. أمّا مع الجهل بالحرمة وتمشّي القربة فبالإمكان الحكم بتصحيح الصلاة وذلك بالتمسّك بالبراءة، فإنّنا إن تكلّمنا بلحاظ عالم الملاك أمكن أن يقال: إنّنا شككنا أنّ خصوصيّة إباحة المكان ـ مثلا ـ هل هي دخيلة في الملاك


(1) ويمكن أن يشكل أيضاً على هذا الوجه بمنع كون ما في طول أحد النقيضين في طول النقيض الآخر، فلنفرض أنّ الأمر في طول عدم وصول النهي ولكن هذا لا يعني أنّه في طول وصول النهي الذي هو في طول النهي.

على أنّه لو كان تعدّد الرتبة رافعاً للتضادّ فليقيّد الأمر بفرض العلم بالنهي، فما الذي يرجّح تقييده بفرض الجهل بالنهي على تقييده بفرض العلم به؟! ومقصودي من تقييد الأمر بفرض العلم بالنهي هو تقييده بالجامع بين أن لا يكون نهي وأن يكون عالماً بالنهي، فلا يقال: إنّ الأمر يصبح لغواً؛ إذ مع العلم بالنهي لا يمكن التقرّب.