المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

428

وصلاحيّة التقرّب، وقصد التقرّب، ويقول: إنّ الشرط الثاني غير موجود.

وهذا الاعتراض لا يمكن المساعدة عليه، فإنّ صلاحيّة الفعل لأن يتقرّب به مربوطة بمقدار إحراز المكلّف للجهات لا بالجهات الواقعيّة، ولهذا قد يكون الشيء مبغوضاً محضاً في الواقع ولكن في وجهة نظر العبد يكون مقرّباً فيصحّ التقرّب به، مثل إكرام عدوّ المولى بتخيّل أنّه ابنه، فكلام صاحب الكفاية صحيح إلاّ في أصله الموضوعيّ وهو افتراض ثبوت الملاكين في المجمع.

وهذه الوجوه الثلاثة كلّها مبنيّة على القول بالامتناع، وأمّا على الجواز فكأنّه لم يستشكل صاحب الكفاية في الصحّة حتّى على فرض العلم بالحرمة.

الوجه الرابع: ما عن المحقّق النائينيّ(رحمه الله)، وهو مبنيّ على جواز الاجتماع، وكأنّه يرى أنّه على الامتناع لابدّ من الالتزام بالفساد مطلقاً، فإنّه مع الامتناع يقيّد الأمر بغير المجمع. وحاصل هذا الوجه: أنّه مع العلم بالحرمة لا يصحّ العمل لا بالأمر العرضيّ ولا بالأمر الطوليّ الترتّبيّ ولا بالملاك:

أمّا الأمر العرضيّ، أي: في عرض النهي عن الغصب، فلا وجود له أصلا، وذلك بناءً على مبناه من أنّ الوجوب المتعلّق بالطبيعيّ لا يُعقل شموله للفرد غير المقدور، سواءً كان غير مقدور عقلا أو غير مقدور شرعاً، بل يختصّ بخصوص الحصّة المقدورة فيقول: إذا قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي فهذا معناه أنّ اجتماع الوجوب والحرمة لا يلزم منه اجتماع الضدّين، لكن يلزم ثبوت التزاحم بين حرمة الغصب وإطلاق دليل الواجب، والقول بجواز الاجتماع وإن كان يعني أنّ التركيب انضماميّ، فهنا وجودان: أحدهما واجب والآخر حرام، إلاّ أنّه حيث إنّ أحدهما ملازم للآخر فيكون غير مقدور، وحينئذ إذا علم بالحرمة ثبت التزاحم، وإذا قُدّمت الحرمة على الوجوب بالأقوائيّة استحال بقاء إطلاق الواجب لهذا الفرد على حاله.