المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

427

أو مفسدة فهذا لا يكفي في ترتّب الحسن والقبح، وإن كان المقصود تخصيص الحكم بفرض العلم بنفس المصلحة والمفسدة فهذا واضح البطلان، فإنّ العلم بالمصلحة والمفسدة إنّما يأتي غالباً من قِبَل نفس دليل الوجوب والحرمة.

الوجه الثالث: أيضاً لصاحب الكفاية، وهو مبنيّ على أصل موضوعيّ فرغ منه فيما تقدّم، وهو ثبوت كلا الملاكين في المجمع، فيقال: إنّه مع العلم بالحرمة تبطل الصلاة وإن كان الملاك ثابتاً؛ وذلك لأنّ الحرمة أصبحت منجّزة فيقبح العمل، ولا يمكن التقرّب بالقبيح. وأمّا في فرض عدم تنجّز الحرمة فتصحّ العبادة؛ لأنّ صحّة العبادة تتوقّف على أمرين: أحدهما كون الفعل واجداً للملاك وهو ثابت، والثاني أن يأتي به بداع قربيّ وهذا ممكن في المقام، بأن يأتي بداعي الملاك ـ بل وحتّى بداعي الأمر، فإنّه يتخيّل أنّه مأمور به(1) ـ ولا قبح يمنع عن التقرّب؛ لأنّ القبح من شؤون تنجّز الحرمة لا واقع الحرمة.

وقد اعترض السيّد الاُستاذ(2) على ذلك بما يرجع حاصله إلى أنّ صحّة العبادة والتقرّب بلحاظ الملاك إنّما يكون فيما إذا لم يكن الملاك مغلوباً ومندكّاً كما هو المفروض في المقام؛ إذ المفروض هو الامتناع وتقديم جانب النهي، وهذا يعني أنّ المصلحة مندكّة والمحبوبيّة مضمحلّة، فلا يمكن التقرّب بهذا الفعل إلى المولى.

وكأنّه ـ دامت بركاته ـ يفترض ثلاثة شروط في صحّة العبادة: الملاك،


(1) علّل في الكفاية إمكانيّة حصول قصد الأمر بأنّ المجمع واجدٌ لنفس الغرض الذي وجب لأجله العمل في غير المجمع، وعدم شمول الإطلاق لهذا الفرد إنّما هو لأجل المانع لا لعدم المقتضي، فنفس الأمر بالطبيعيّ في غير مورد المجمع كاف في الدفع نحو الإتيان بالمجمع؛ لأنّنا نعلم أنّ المجمع يحصّل غرض المأمور به.

(2) راجع المحاضرات، ج 4، ص 236 بحسب طبعة مطبعة صدر بقم.