المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

426

الوجه الثاني: أيضاً مستفاد من كلمات المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)(1)، لكن لا بنحو التبنّي بل بنحو الإشارة، وحاصله: أنّ الأحكام الشرعيّة لا إشكال في أنّها تتبع المصالح والمفاسد. وفي هذا الوجه يُدّعى أنّها تتبع المصالح والمفاسد لا بما هي هي بل بما هي موجبة للحسن والقبح، والمصلحة والمفسدة ما لم تصلا لا توجبان الحسن والقبح.

وهذا الوجه أيضاً غير صحيح ويرد عليه:

أوّلا: النقض السابق.

وثانياً: أنّ هذا البيان لو تمّ لاختصّ بالجهل بالموضوع دون الجهل بالحكم؛ لأنّ العلم بالمفسدة كاف في تأثيرها في القبح، مع أنّ الذين أفتوا بصحّة الصلاة مع الجهل لم يفرّقوا بين الجهل بنحو الشبهة المصداقيّة والجهل بنحو الشبهة الحكميّة.

وثالثاً: أنّ ما قام عليه الدليل باعتبار حكمة المشرّع إنّما هو تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد لا لهما عند تأثيرهما في الحسن والقبح، ومن الواضح أنّه ليست كلّ مصلحة مستتبعة للحسن، ولا كلّ مفسدة مستتبعة للقبح، فما هي النتيجة المقصودة من القول بتبعيّة الأحكام للمصلحة والمفسدة بما هي مؤثّرة للحسن والقبح؟ إن كان المقصود تخصيص الحكم بفرض وصول العنوان الذي فيه مصلحة


(1) مستفاد من قوله ـ في الكفاية، ج 1 ص 247 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليقات المشكينيّ ـ: «بناءً على تبعيّة الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح والمفاسد واقعاً، لا لما هو المؤثّر منها فعلا للحسن أو القبح؛ لكونهما تابعين لما عُلم منهما كما حقّق في محلّه»، فإنّ هذا الكلام ـ كماترى ـ يشير إلى إمكانيّة البناء على خلاف هذه التبعيّة، أي: البناء على تبعيّة الأحكام لما هو المؤثّر فعلا للحسن والقبح لا الأقوى منهما ولو غير المؤثّر في الحسن والقبح، والتأثير في الحسن والقبح تابع للوصول.