المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

425

وهذا ينتج أنّه بناءً على الامتناع وتقديم جانب النهي إنّما يكون الامتناع والتقديم فيما إذا كان الأمر والنهي فعليّين، وذلك بالوصول وإلاّ لما كان بينهما تضادّ، إذن فلا مانع عن التمسّك بإطلاق الوجوب بلحاظ حال الجهل بالحرمة.

ويرد عليه:

أوّلا: النقض بأنّه لو تمّ هذا للزم جريانه في سائر موارد التعارض، فلو ورد (أكرم كلّ هاشميّ) وورد (لا تكرم أيّ فاسق) وقدّم الدليل الثاني على الأوّل لمرجّح مّا فلا إشكال في سقوط الوجوب عن إكرام الهاشميّ الفاسق وإن لم يُعلم بفسقه، مع أنّ نفس البيان يأتي هنا.

بل لو تمّ هذا الكلام للزم إسراؤه إلى مثل موارد التخصيص أيضاً، فلو قال في الدليل الثاني: (لا تكرم الهاشميّ الفاسق) فهنا أيضاً يمكن أن يقال: إنّ الخاصّ إنّما يقيّد العامّ بالمقدار الذي يكون مضادّاً له، والتضادّ إنّما يكون بلحاظ الفعليّة التي هي عند الوصول، ومع عدم العلم بالفسق لم يتمّ الوصول.

وثانياً: الحلّ بأنّه لو اُريد بالفعليّة التنجّز بحكم العقل وترتّب العقاب على الترك منعنا المقدّمة الاُولى؛ إذ يكفي في التعارض أن يكون على طبق الحكم الحبّ والبغض، فيتمانعان وإن لم يصل إلى مرحلة التنجّز. ولو اُريد بالفعليّة الإرادة والحبّ الفعليّ في مقابل مجرّد إنشاء المعنى باللفظ منعنا المقدّمة الثانية؛ فإنّ كلّ دليل ظاهر في أنّ المولى في مقام التحريك فعلا، فيكشف عن فعليّة الحكم وإن لم يصل الدليل(1).


(1) ولو اُريد بالفعليّة كون المولى في مقام التحريك فعلا بالنحو الذي لا يعقل اجتماعه مع البراءة الشرعيّة منعنا المقدّمة الاُولى؛ فإنّ التعارض والتمانع يحصل بما هو أقلّ من ذلك، أي: بمجرّد الحبّ والبغض بالنحو الذي يجتمع مع البراءة الشرعيّة.