المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

422

أنّنا نقول بالتساقط الجزئيّ في موارد التعارض، أي: إنّنا نلتزم بنفي الثالث، فلا فرق بين فرض إحراز الملاكين وعدمه.

أمّا لو التزمنا بالتساقط الكلّيّ في باب التعارض ـ كما هو الصحيح ـ فالفرق بين الفرضين أنّه في غير موارد إحراز الملاكين قد نرجع بعد التساقط إلى أصل ينفي كلا الحكمين. أمّا في المقام فالرجوع إلى أصل ينفي كلا الحكمين إنّما يجوز لو لم يفوّت الملاكين، كما لو ورد (صلّ) و(لا تصلّ) وأحرزنا الملاكين فنرجع بعد التساقط إلى الأصل العمليّ ولا بأس به، سواءً كان مفاده الوجوب أو الحرمة أو الإباحة، فإنّ الأوّل يطابق (صلّ) والثاني يطابق (لا تصلّ) والثالث وإن كان ينفي كلا الحكمين لكنّه يطابق فرض تكافؤ الملاكين.

ونذكر مثالين لعدم جواز الرجوع إلى الأصل المفوّت لكلا الملاكين:

المثال الأوّل: أن يقع التزاحم بين أمرين بضدّين بينهما تضادّ دائميّ ولهما ثالث، كالالتفات إلى الجنوب والالتفات إلى الشمال (أمّا لو كان التضادّ اتفاقيّاً دخل في التزاحم الحقيقيّ)، فالتعارض هنا يكون عندنا تعارضاً بين إطلاق الدليلين المقتضي للتعيينيّة. ولكن لو بنينا على ما يقوله المحقّق النائينيّ(رحمه الله): من أنّ التعارض بين أصل الخطابين فهنا لو افترضنا إحراز الملاكين لم يمكن الرجوع إلى أصالة البراءة عن الوجوبين؛ لأنّها تفوّت الملاكين، ونحن نعلم بأنّ الملاكين لو كانا متساويين ثبت التخيير وإلاّ تعيّن أحدهما. نعم، يمكن الرجوع إلى البراءة عن تعيين أحدهما.

المثال الثاني: أن يرد دليل مطلق ودليل أخصّ، لكنّ الأخصّ يكون شبيهاً للمتساوي بنحو لا يصلح أن يكون مقيّداً، مثل (لا تصلّ) و(صلّ في مكان نظيف) لو فُرض أنّ الصلاة في مكان غير نظيف فرد نادر، فلا يمكن تقييد المطلق به، فلو فُرض عدم إحراز الملاكين أمكن إجراء البراءة عنهما بحيث يجوز الإتيان بمادّة