المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

421

أمّا في المقام فالدلالة الالتزاميّة مستفادة من أصل الخطاب لا من إطلاقه، فلو قُصد بكون الدلالة الالتزاميّة مستقلّة عن المطابقيّة في الحجّيّة أنّ الراوي شهد بشهادتين: شهد بالمدلول المطابقيّ وشهد بالمدلول الالتزاميّ، فإن سقطت الاُولى فلتبق الثانية فهنا من الواضح أنّه إذا سقطت الاُولى كان معنى ذلك سقوط سند الشهادة الاُولى، غاية الأمر أنّ التعارض السنديّ يكون بين سندي المدلولين المطابقيّين، فيدخل في الأخبار العلاجيّة.

نعم، لو كان مدّعى القائل باستقلال الدلالة الالتزاميّة في الحجّيّة في المقام: أنّه يتحصّل من كلام الراوي كلام واحد، وهو (صلّ) مثلا، وهذا يدلّ على شيئين: الوجوب والملاك، والملاك يثبت وإن لم يثبت الوجوب، فهنا لا يسري التعارض إلى السند(1).

وأمّا التساقط بعد عدم إمكان الجمع العرفيّ وعدم إمكان الترجيح فإذا افترضنا


(1) كأنّ المقصود أنّه لو كانت المطابقيّة والالتزاميّة جزءين عرضيّين لمدلول واحد، بحيث أمكن افتراض صدق السندين ولو بصرفهما إلى الجزءين غير المتعارضين وافتراض خروج الجزءين المتعارضين أو أحدهما عن المقصود كما هو الحال في المتعارضين بالعموم من وجه، أمكن القول بأنّ التعارض لم يسر إلى السند، كما نقول بذلك في العموم من وجه، فإنّنا نصدّق السندين ولو بلحاظ مادّتي الافتراق ونفترض خروج مادّة الاجتماع عن المقصود في أحد النقلين أو كليهما، فالخلل إنّما هو في الدلالة دون السند.

ولكن في المقام تكون الدلالة الأصليّة الأوّلية عبارة عن المطابقيّتين وتفرّعت عنهما الالتزاميّتان، ولا يصحّ عرفاً افتراض صدق كلا السندين بصرفهما إلى الالتزاميّتين وافتراض خروج إحدى المطابقيتين عن مقصود الناقل، فالتعارض سار إلى سندي المطابقيّتين حتماً، سواءً آمنّا بأنّ الالتزاميّة تابعة للمطابقيّة في الحجّيّة فقد سقط السند حتّى بلحاظ الالتزاميّة، أو آمنّا بأنّ المطابقيّة والالتزاميّة بمنزلة شهادتين لو سقطت الاُولى سنداً لا يؤدّي ذلك إلى سقوط الثانية سنداً.