المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

42

فإنّنا إذا آمنّا بكون النقيضين في رتبة واحدة، وآمنّا بأنّ ما مع المساوي أو المتقدّم أو المتأخّر مساو أو متقدّم أو متأخّر، تمّ البرهان بلا حاجة إلى فرض كون الضدّين في مرتبة واحدة.

وعلى أيّ حال فيرد على هذا البرهان إيرادان:

الأوّل: أنّ كون نقيض الشيء بديلا عن الشيء لا يعني كونه في رتبته، فإنّ نقيض الشيء بديل عنه، يحلّ محلّه بحسب لوح الواقع، دون لوح الرتبة أو الزمان أو المكان، فإنّ الشيء المقيّد برتبة أو زمان أو مكان، نقيضه عدم المقيّد بذلك القيد



ليسا في رتبتين.

وقد نفى الشيخ الإصفهانيّ(رحمه الله) هذا الاحتمال في تعليقه على نهاية الدراية وفي الاُصول على النهج الحديث؛ بوضوح أنّ كمال الملائمة لا يدلّ على وحدة الرُتَب أو عدم تعدّدها، فإنّ المعلول والعلّة لا شكّ فيما بينهما من كمال الملائمة، مع وضوح تعدّد الرتبتين فيهما. راجع لكلّ هذه الاُمور نهاية الدراية، ج 2، ص 180 مع ما تحت الخطّ من تعليقه على نهاية الدراية بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، والاُصول على النهج الحديث، ص 85 ـ 86 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.

ويوجد في عبارة الكفاية احتمال رابع، وهو: أن لا يكون مقصوده أصلا البرهنة على عدم مقدّميّة عدم الضدّ لضدّه، بل يكون مقصوده إبطال برهان الخصم القائل بأنّ المضادّة والمعاندة بين الوجودين تقتضي الممانعة بينهما، وعدم المانع يعتبر من المقدّمات، فأجاب على ذلك بأن المضادّة والمعاندة والمنافرة بين شيئين لا تقتضي إلاّ عدم الاجتماع، ولا تبرهن على الممانعة، وبما أنّ الضدّ مع عدم ضدّه لا تنافي بينهما، بل بينهما كمال الملائمة أمكن اجتماع أحد الضدّين مع عدم الضدّ الآخر، من دون أن يلزم من ذلك التوقّف وتعدّد الرتبة، فبالإمكان أن يكونا في رتبة واحدة.