المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

419

الثاني: ما قاله بعض: من أنّ دليل ترجيح أحد الدليلين على الآخر كاشف عن أهمّيّة ملاك ذاك الحكم بناءً على أنّ الترجيح يكون من باب الطريقيّة لا الموضوعيّة، فإنّما نصبه المولى حفظاً لملاكات الواقع.

وفيه: أنّ أدلّة الوظيفة الظاهريّة ليس نصبها ناشئاً عن وجود الملاك في كلّ فرد فرد من الموارد، بل نصبها ناشئ عن وجود الملاك في المجموع من حيث المجموع، بمعنى أنّ المولى لمّا رأى ـ مثلا ـ أنّه لو أمر باتّباع خبر الأعدل استفاد العبد في الخارج عشرين ملاكاً من مجموع ملاكات الأحكام التي ورد فيها خبر العادل معارضاً بخبر الأعدل، ولو لم يأمر بذلك لم يستفد العبد هذا المقدار، فلذلك أمر باتّباع خبر الأعدل عند المعارضة بخبر العادل، فليس ذلك كاشفاً عن الملاك الشخصيّ حتّى يجعل دليلا على الأهمّيّة.

الثالث: أنّه بعد أن فُرضت حجّيّة أحد الدليلين لأجل الترجيح دون الآخر فقد دلّ ذلك الدليل بالمطابقة على فعليّة ذلك الحكم وبالالتزام على أقوائيّة ملاكه، فبطريق الإنّ اُحرز تعبّداً أقوائيّة ملاكه.

ثُمّ إنّنا وإن قلنا بالرجوع إلى المرجّح السنديّ عند إحراز الملاكين ـ لسريان التعارض إلى السند ـ ولكن قد يقال بأنّ هذا إنّما يتمّ إذا كان إحراز الملاكين من الخارج ولم نقبل الإحراز الداخليّ بلحاظ الدلالة الالتزاميّة مثلا، بدعوى أنّ الالتزاميّة تابعة للمطابقيّة، أمّا لو لم نرَ الالتزاميّة تابعة للمطابقيّة وقلنا في المقام: إنّه حتّى مع سقوط المطابقيّة نأخذ بالالتزاميّتين، وإنّ الالتزاميّة تكون حجّة بصورة مستقلّة عن المطابقيّة فحينئذ يقال بأنّ التعارض لا يسري إلى السند؛ إذ الدلالة الالتزاميّة لا زالت باقية على الحجّيّة وما معنى بقاؤها بلا سند؟! إذن، فلا معنى للرجوع إلى المرجّحات السنديّة.

إلاّ أنّ التحقيق عدم صحّة هذا التفصيل والصحيح هو الرجوع إلى المرجّحات