المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

411

 

هل تجري أحكام التزاحم في التزاحم الملاكيّ أو تطبّق عليه قوانين التعارض؟

المقام الثالث: لو افترضنا أنّنا استطعنا في موارد اجتماع الأمر والنهي أن نثبت وجود الملاكين في المجمع فقد صار هناك تزاحم بين الملاكين، فيقع الكلام في المقام الثالث، وهو: أنّ التزاحم الملاكيّ هل تجري فيه أحكام باب التزاحم الحقيقيّ الذي تقدّم وكان قسيماً لباب التعارض، أو أنّه تطبّق عليه قوانين باب التعارض؟

وهناك فروق حقيقيّة بين هذا التزاحم الملاكيّ وبين التزاحم الحقيقيّ، وهذه الفروق سبّبت أن نتساءل أنّ هذه الفروق مفرّقة بحسب الأحكام أو لا؟ وهذه الفروق يمكن تلخيصها فيما يلي:

أوّلا: أنّ المنافات في التزاحم الحقيقيّ ـ الذي فرغنا عنه في باب الضدّ ـ لم يكن بين الجعلين وكان بين الفعليّتين، بينما في التزاحم الملاكيّ يكون التنافي بحسب عالم الجعل لا الفعليّة فحسب، فلا يمكن ثبوت كلا الجعلين على موضوع واحد.

ثانياً: مادام التنافي في التزاحم الحقيقيّ بين الجعلين غير موجود فلا تكاذب بين الدليلين؛ لأنّ مفاد الدليل هو الجعل لا الفعليّة، بينما هنا يحصل التكاذب بين الدليلين للتنافي بين الجعلين.

ثالثاً: أنّه مادام الجعلان ثابتين في التزاحم الحقيقيّ بدليلهما فلا حاجة إلى أن يُعمل المولى عنايته لحلّ التنافي، وإنّما على العقل أن يشخّص ما هي الوظيفة العمليّة في المقام. وهذا بخلاف التزاحم الملاكيّ؛ إذ ليست المشكلة مشكلة أنّ المكلّف ماذا يصنع، بل هي مشكلة أنّ المولى على طبق أيّ الملاكين يجعل، فالمولى هو الذي يجب أن يعالج الموقف.