المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

392

وهذا الكلام يمكن للمحقّق النائينيّ(رحمه الله) أن يدفعه بأن يقول: إنّ الجواز أيضاً لا يستفاد منه الصحّة إلاّ بضمّ كبرى اُخرى؛ وذلك لأنّ الجواز: تارةً يكون بملاك أنّ تعدّد العنوان يوجب تعدّد المعنون، واُخرى يكون بملاك آخر مع التسليم بوحدة المعنون:

فعلى الثاني لا يكفي الجواز وحده لتصحيح العبادة؛ فإنّ هذه العبادة منهيّ عنها، فنحتاج إلى استيناف بحث عن أنّ النهي عن العبادة يقتضي الفساد أو لا.

وأمّا على الأوّل ـ أعني: فرض تعدّد المعنون ـ فمع عدم المندوحة، بأن دار أمره بين أن يكون في مكان مباح من دون أن يصلّي وبين أن يصلّي في المكان المغصوب، يقع التزاحم بين الواجب والحرام، فلابدّ من تطبيق قواعد باب التزاحم.

وحينئذ فتصحيح العبادة يتوقّف على أحد اُمور ثلاثة: إمّا القول بترجيح الواجب على الحرام، أو القول بإمكان الترتّب، أو القول بتصحيح العبادة بالتقرّب بالملاك. ومع المندوحة يكون هناك فردان من الصلاة، أحدهما غير مقدور شرعاً وهو الصلاة في المكان المغصوب، فإن قلنا بما يقوله المحقّق النائينيّ(رحمه الله): من أنّ الأمر لا يمكن أن يتعلّق بالجامع بين المقدور وغير المقدور، دخل مورد الاجتماع في باب التزاحم، فقد يثبت الأمر في طول عصيان النهي وتصحّ الصلاة بالأمر الترتّبي. وإن قلنا بإمكان تعلّق الأمر بالجامع بين المقدور وغير المقدور، ثبتت صحّة الصلاة، ولكن احتاج ذلك إلى مسألة اُصوليّة اُخرى(1) وهي نفس إمكان


(1) قد يقال: إنّ جواز اجتماع الأمر والنهي يستبطن إمّا إمكان الترتّب، أو إمكان تعلّق الأمر بالجامع بين المقدور وغير المقدور؛ إذ لو لم يكن شيء منهما يجب: إمّا أن