المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

374

وجودٌ واحد لو كان التركيب اتّحاديّاً، فكيف يكون مبغوضاً ومحبوباً معاً؟(1).

فتحصّل إلى هنا أنّ مجرّد الاختلاف في العناوين الذهنيّة يكفي في حلّ غائلة اجتماع الضدّين.

إلاّ أنّه يجب أن نلحظ: أنّ البيانين اللذين ذكرناهما أخيراً في مثل (صلّ) و(لا تصلّ في الحمّام) كتقريب للتعارض وعدم انحلال الغائلة على تقدير تماميّتهما هناك، هل يمكن إسراؤهما إلى ما نحن فيه، أو لا؟


(1) في الواقع يوجد وجهان لدعوى استحالة اجتماع الأمر والنهي:

أحدهما: دعوى سريان الحكم إلى ما في الخارج.

وهذا جوابه:

أوّلا: ما بيّن في المتن من عدم إمكان السريان الحقيقيّ.

وثانياً: أنّه لو فُرض السريان إلى ما في الخارج فالذي يسري إليه إنّما هو النهي لكونه شموليّاً، وأمّا الأمر فلا يمكن أن يسري إلى الخارج بمعنى الفرد الخارجيّ، وغاية الأمر افتراض سريانه إلى واقع الطبيعة ويبقى عندئذ واقفاً على الطبيعة؛ لأنّها اُخذت بدليّة.

وثانيهما: دعوى أنّ الفناء بمعناه الصحيح كاف في وقوع التضادّ بين الأمر والنهي أو الحبّ والبغض؛ لأنّ الآمر والناهي أو المحبّ والمبغض حينما ينظر إلى العنوانين بالنظر التصوّريّ أو الحمل الأوّليّ أو النظر الفنائيّ يرى المعنون الذي هو واحد، فلا يستطيع أن يحبّه ويبغضه في آن واحد أو يأمر به وينهى عنه في وقت واحد، ولذا لو قال: (صلّ بكلّ صلاة) وقال: (لا تغصب)، لوقع التضادّ بينهما.

والجواب: أنّ الفناء في الفرد أو في الحصّة إنّما هو ثابت في طرف النهي فقط ـ وهو: (لا تغصب) ـ لشموليّته، وأمّا في طرف الأمر ـ وهو: (صلّ) ـ فلا فناء بلحاظ الأفراد أو الحصص؛ لأنّه اُخذ بدليّاً فلا يفنى مفهومه الذهنيّ إلاّ في ذات الطبيعة والماهيّة، لا في أفرادها وحصصها.