المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

373

الحقيقة هو المعنونات، فميزان رفع الغائلة هو تعدّد الخارج، ومن هنا قالوا: إنّ المقياس هو أن نرى هل التركيب اتّحاديّ أو انضماميّ؟ وكأنّ هذا المقدار من البيان يشترك فيه المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) والمحقّق النائينيّ(رحمه الله) والسيّد الاُستاذ وإن اختلفوا في كون التركيب الخارجيّ اتّحاديّاً أو انضماميّاً، وفي حدود الاتّحاديّة والانضماميّة على ما سيأتي إن شاء الله.

إلاّ أنّ الصحيح أنّنا وإن كنّا نؤمن بصحّة عبارة: «أنّ الأحكام الشرعيّة تتعلّق بالعناوين الذهنيّة بما هي فانية في الخارج» على إجمالها، ولكن ليس معنى لحاظها بما هي فانية في الخارج سريان الحكم حقيقة إلى الخارج، بحيث يكون العنوان قنطرة حقيقة لوصول الحكم إلى المعنون، فإنّ هذا مستحيل، سواء اُريد به أنّ الحكم يسري إلى خارج عالم الذهن والإدراك ويعرض على ما في الخارج، أو اُريد به أنّ ما في الخارج يدخل في عالم الذهن والإدراك بوسيلة الصور المُدركة فيعرض عليه الحكم: أمّا الأوّل فهو مستحيل؛ لما تقدّم من الأدلّة على استحالة تقوّم الحكم بالوجود الخارجيّ. وأمّا الثاني فلاستحالة دخول الخارج إلى عالم الذهن والإدراك، وإنّما المدرَك هو الصورة الذهنيّة.

وليس معنى الفناء إنّ الصورة الذهنيّة حيثيّة تعليليّة لإدراك الخارج، وإنّما معنى الفناء أنّ الصورة الذهنيّة إنّما عرض عليها الحكم بما هي ملحوظة بالنظر التصوّريّ، أو قل: بالحمل الأوّليّ، لا بما هي ملحوظة بالنظر التصديقيّ، أو قل: بالحمل الشايع، كما تقدّم شرح ذلك في الأبحاث السابقة. إذن، فالحكم غير سار إلى الخارج وإنّما هو متعلّق بالصور بما هي مرئيّة عين الخارج. وحينئذ نقول: إنّ هذه العناوين لا إشكال في تعدّدها ومجرّد أنّها تُرى خارجيّة لا يخرجها عن تعدّدها، فلا بأس بتعلّق الأمر بأحدهما والنهي بالآخر، وهذا بخلاف ما لو قلنا بالفناء الحقيقيّ فيمتنع حينئذ اجتماع الأمر والنهي؛ إذ لا يوجد في الخارج إلاّ