المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

354

 

تنبيهان متعلّقان بالجهتين السابقتين:

الجهة الرابعة: تشتمل على تنبيهين مربوطين بالجهتين السابقتين:

التنبيه الأوّل: أنّ هاتين الخصيصتين اللتين يمتاز النهي بهما عن الأمر في الجهة الثانية والثالثة ثابتتان من دون فرق بين تفسير النهي بالزجر عن الفعل أو بطلب الترك، ولذا لو صرّح بطلب الترك وجدنا كلتا الخصوصيّتين ثابتتين، فسواء زجر المولى عن الفعل أو طلب تركه يكون الغالب صدور ذلك من المفسدة في الفعل وكون المفسدة انحلاليّة، وهذه هي نكتة الجهة الثانية. والطبيعة سواءً زجر عنها أو طلب تركها اقتضى ذلك إعدامها ولا تنعدم إلاّ بانعدام كلّ أفرادها، وهذه هي نكتة الجهة الثالثة.

التنبيه الثاني: أنّ ما قلناه من أنّ النهي إذا تعلّق بالجامع اقتضى ترك جميع الأفراد إنّما هو في الجامع الحقيقيّ دون الجامع الانتزاعيّ كعنوان (أحدهما)، فلو قيل: (اترك أحدهما) أو: (لا تأتي بأحدهما)، رأينا أنّه يُكتفى بترك واحد منهما كما يُكتفى في: (افعل أحدهما) بفعل واحد.

وحلّ اللغز: إنّ هذا ليس جامعاً حقيقيّاً وإنّما هو مجرّد رمز ذهنيّ يراد منه أحياناً: التعويض عن ذكر واحد معيّن، كما لو قال: (جاء أحدهما) وكان يُرمز به إلى زيد. واُخرى: الرمز إلى فرد غير معيّن، أي: على سبيل البدل، كما لو قال: (ائت بأحدهما)، وآية ذلك: أنّ الجامع لا يُعقل أن ينطبق على الفرد بخصوصيّاته، فإنّ الجامع لا يتحصّل إلاّ بإلغاء الخصوصيّات.

فعنوان (الإنسان) الذي هو جامع بين الأفراد لا ينطبق على خصوصيّة طول الأفراد وقِصَرها ونحو ذلك، بينما عنوان (أحدهما) يمكن تطبيقه على الخصوصيّتين، كأن يقال: (إحدى الخصوصيّتين)، إذن فحينما يقول مثلا: (اترك