المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

330


شرعيّة عبادة الصبيّ بعموم أدلّة التشريع، بدعوى: أنّ حديث رفع القلم ـ باعتباره امتنانيّاً ـ إنّما رفع الإلزام والوجوب، فأصل المحبوبيّة باقية على حالها؛ وذلك لأنّ الاعتبار المستفاد من الأمر بعد أن ارتفع بحديث الرفع لم يبق ما نستكشف به المشروعيّة والمحبوبيّة، فهذا يحتاج إلى دليل جديد.

أقول: إنّ هذا الكلام في غاية المتانة بناءً على مبنانا من كون الوجوب مفاداً للأمر. أمّا على مبناه من أنّ الأمر إنّما يدلّ على مطلق اعتبار الفعل في ذمّة المكلّف، وأنّ الوجوب ينتزعه العقل لو لم يقترن الأمر بالترخيص في الخلاف، فمن المحتمل كون هذا الرفع الامتنانيّ ناظراً إلى رفع الوجوب دون رفع أصل الاعتبار.

ولا يقال: إنّ الوجوب غير قابل للرفع باعتباره غير شرعيّ بحسب الفرض.

فإنّه يقال: إنّ الوجوب قابل للرفع بإفناء منشأ انتزاعه، ومنشأ انتزاعه عبارة عن مجموع أمرين: أحدهما الأمر بالفعل، والثاني عدم الترخيص في الخلاف. والقدر المتيقّن هو إفناء الثاني، فنتمسّك بإطلاق دليل الأمر في إثبات أصل المشروعيّة والمحبوبيّة مع الجزم بعدم الوجوب.

فإن قلت: إنّ التعبير برفع القلم ينصرف إلى رفع قلم التشريع، والمشرَّع إنّما هو الأمر لا الوجوب على ما هو المفروض من أنّ الوجوب أمر ينتزعه العقل.

قلت: كون المشرَّع إنّما هو الأمر وعدم كون الوجوب مشرَّعاً وإن كان صحيحاً فلسفيّاً وعقليّاً بحسب مبنى السيّد الخوئيّ(رحمه الله)، ولكن يُفترض عرفاً الوجوب كأنّه شيء جاء من قِبَل الشريعة، وكأنّ القلم كتب الوجوب علينا عن طريق مجموع أمرين: أحدهما الأمر، والثاني عدم الترخيص، ويكون التعبير عن رفع الوجوب برفع القلم عرفيّاً ومعقولا.