المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

306

فأتى به عديدون متقارنين كانوا ممتثلين، فلا يقال: إنّه مادام الفعل قد قام به عديدون، إذن لم يتحقّق الامتثال. ولو لم يكن قابلا للتكرار ـ كقتل حيوان مفترس مثلا ـ ولكن تعاون على فعله عديدون إلى أن حقّقوه بمجموعهم كانوا أيضاً ممتثلين، فلا يقال: مادام الفعل قد تعاون عليه عديدون ولم يستقلّ به واحد لم يحصل الامتثال.

فكلّ فرضيّة من الفرضيّات الأربع يجب أن ندرسها على هُدى هذه الخصائص الثلاث، أي: يجب أن نرى في كلّ فرضيّة من هذه الفرضيّات ـ بعد فرض معقوليّتها في نفسها ـ أنّها هل تفي بهذه الخصائص الثلاث أو لا، فنقول:

أمّا الفرضيّة الاُولى ـ وهي: تعلّق الوجوب بالجميع ـ: فتصويرها يكون بإحدى صيغ أربع:

الصيغة الاُولى: أن يكون على عهدة كلّ واحد من المكلّفين بنحو الوجوب المطلق أن يُؤتى بالفعل بنحو المبنيّ للمفعول، أي: أن يجب على كلّ واحد منهم أن يغسَّل الميّت ـ مثلا ـ لا أن يغسِّله. وبتعبير آخر: يجب على كلّ واحد منهم تحقّق الجامع بين فعله وفعل الآخرين.

وقد ذكرنا في بحث التعبّديّ والتوصّليّ: أنّ وجوب الجامع بين فعل الشخص وفعل غيره عليه أمر معقول؛ لأنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور. وهذا الشكل الثاني يفي بكلّ الخصائص الثلاث بكلّ وضوح:

أمّا الخصيصة الاُولى ـ وهي: أنّه لو فعله شخص سقط عن الآخرين ـ فلأنّه قد وقع على العهدة تحقّق الفعل، وقد حصل.

وأمّا الخصيصة الثانية ـ وهي: أنّه لو ترك الجميع عوقب الجميع ـ فلأنّ الوجوب ثابت على الجميع، وقد خالفوا.

وأمّا الخصيصة الثالثة ـ وهي: حصول الامتثال عند إتيان أشخاص عديدين