المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

299

الكلام الثاني: أنّ هذا التصوير إنّما يتصوّر إذا كان الأكثر بتمامه فرداً واحداً مستقلاًّ من أفراد الطبيعة كالأقلّ، أمّا إذا لم يكن كذلك بل كان الأكثر عبارة عن أفراد متعدّدة من تلك الطبيعة، كما في مثال التخيير بين تسبيحة واحدة وثلاث تسبيحات، فلا يأتي فيه هذا البيان؛ فإنّ الواجب وهو الإتيان بفرد مستقلّ يحصل بتسبيحة واحدة، والباقي لا مبرّر لوجوبه ولو تخييراً.

وقد التفت المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)إلى هذا النقص في هذا التخريج، فتداركه بذكر تصوير آخر لتخريج التخيير بين الأقلّ والأكثر يسري إلى مثل موارد التسبيحة الواحدة وثلاث تسبيحات ممّا يكون الزائد فيه عبارة عن فرد إضافيّ، وهو إضافة شرط إلى جانب الأقلّ، أعني: شرط عدم الزائد، فالواجب هو الجامع بين الأقلّ بشرط لا والأكثر.

ولا ينبغي الإيراد على صاحب الكفاية(رحمه الله) بأنّ هذا ليس تخييراً بين الأقلّ والأكثر بل بين المتباينين؛ لأنّ بشرط لا مباين لبشرط شيء؛ فإنّ المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) أجلّ شأناً من أن يخفى عليه هذا الشيء، وهو لم يقصد تصوير التخيير بين الأقلّ والأكثر بمعناه الدقيق، وإنّما قصد الإتيان بفرضيّة معقولة لتفسير ما يتعارف خارجاً وقوعه في الفقه ممّا يسمّى بالتخيير بين الأقلّ والأكثر.

ولنا حول هذا التصوير الذي ذكره المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) ثلاث كلمات:

الكلمة الاُولى: أنّ الوجوب التخييريّ بهذا المعنى ينحلّ إلى وجوب ضمنيّ لذات الأقلّ، ووجوب ضمنيّ للجامع بين بشرط لا والزائد، بينما وقوع هذا الجامع بعد فرض أصل الإتيان بذات الأقلّ ممّا لابدّ منه، فإنّه إمّا أن يأتي بالزائد أو لا، فلا مجال للأمر بذلك ولو ضمنيّاً.

إلاّ أنّ هذا الكلام إن تمّ فإنّما يتمّ فيما لو لم يوجَد شقّ ثالث يخالف شرط العدم والزيادة معاً، أمّا لو وُجد مثل ذلك كما لو وجب إمّا الإتيان بتسبيحة واحدة