المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثالث

298

صاحب الكفاية(رحمه الله). وبذلك يصبح هذا وجهاً مستقلاًّ عن التصوير الثاني الآتي عنه.

نعم، يوجد لنا حول هذا التصوير كلامان:

الكلام الأوّل: أنّ الوجوب التخييريّ بناءً على هذا التصوير ينحلّ إلى وجوب ضمنيّ لذات الأقلّ ووجوب ضمنيّ للجامع بين حدّ الأقلّ والزائد، بينما هذا الوجوب الضمنيّ لا يقبل التحريك إلى شيء جديد؛ إذ هل يحرّك نحو ذات الطبيعة بغضّ النظر عن استقلالها في الوجود الذي قالوا لا يكون في المتحرّك إلاّ بعد تماميّة الحركة، أي: إنّه قبل تماميّة الحركة لم يتمّ وجودها الكامل، أو يحرّك إلى استقلالها؟

أمّا الأوّل فهو حاصل بالأمر الضمنيّ الأوّل. وأمّا الثاني ـ وهو الاستقلال ـ فهو شيء قهريّ يتحقّق لا محالة بعد فرض الإتيان بأصل الطبيعة؛ إذ هذا الذي يخطّ بجرّ القلم على الورق ـ مثلا ـ لا يبقى يجرّ القلم إلى الأبد، بل سوف يقف إلى حدٍّ لا محالة.

إلاّ أنّ هذا الإشكال إن كان وارداً(1) فإنّما يرد فيما لو لم يعيّن مقدار محدّد من الوقت للواجب، أمّا لو عيّن ذلك بأن قال مثلا: يجب عليك الإتيان بفرد مستقلّ من أفراد الخطّ في دقيقة واحدة، فالأمر الضمنيّ الثاني يكون أثره التحريك نحو إيجاد الاستقلال في ذاك الوقت المحدّد؛ إذ لو لا هذا الأمر كان من المحتمل أنّ العبد يبقى مستمرّاً في جرّ القلم إلى ما بعد انتهاء هذا الوقت المحدّد. إذن فيبقى لنا مورد يمكن تخريج التخيير بين الأقلّ والأكثر فيه بهذا النحو.


(1) لعلّه إشارة إلى أنّ هذا الإشكال يمكن دفعه أيضاً بما يستدفع به الكلمة الاُولى، على ما سيأتي قريباً من التصوير الثاني من تصويري الآخوند(رحمه الله) للتخيير بين الأقلّ والأكثر.